مدير «معهد الهندسة الوراثية » يكشف تفاصيل إنتاج بذور مقاومة للجفاف

أكد الدكتور يسري الصياد، مدير معهد بحوث الهندسة الزراعية، أن المعهد لا يقتصر دوره على الأبحاث النظرية فحسب، بل يشكّل دعامة أساسية في تطوير الزراعة المصرية بآليات هندسية مبتكرة ترفع الكفاءة وتقلّص التكاليف، خاصة في ظل التحديات المناخية والموارد المحدودة.
معهد الهندسة الزراعية: من البحث إلى الابتكار الميداني
يُعَد معهد بحوث الهندسة الزراعية وحدة بحثية تطبيقية محورية داخل منظومة مركز البحوث الزراعية، حيث تهدف مشروعاته لاختبار الآلات والوسائل الهندسية التي تدعم الفلاح مباشرة.
وقال الصياد إن المعهد يعمل ضمن استراتيجيات الدولة حتى عام 2030، مع التركيز على التكيف مع التغيرات المناخية من خلال تعديل وتصميم أدوات زراعية متوافقة مع خصوصية الأراضي المصرية، سواء صغيرة المساحة أو واسعة.
من بين أبرز مشاريع المعهد: تصميم نظم الزراعة الحديثة مثل استخدام مصاطب بعرض 120 سم وعمق 25 سم بين كل مصطبتين، وهو أسلوب يوفر من 20 إلى 25% من استهلاك المياه مقارنة بالطرق التقليدية. كما يمتد نشاطه إلى قطاع الإنتاج الحيواني، حيث يستغل المخلفات الزراعية كأعلاف بعد فرمها وكبسها، في مبادرة لتقليل الهدر وزيادة القيمة المضافة.
الطاقة والتكنولوجيا المحلية: خفض التكاليف وتعزيز الاستقلال
في مجال الطاقة، أقام المعهد محطة طاقة شمسية تجريبية تُستخدم لتشغيل مضخات الري، بنسبة تصنيع محلي تصل إلى 70%. هذا التوجه يسهم في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري ويخفض من تكاليف التشغيل على المزارعين.
وبعد الحصاد، يظل دور المعهد حاضراً في كل خطوة: تجهيز الأرض، زراعة البذور، واختبار أنظمة الري بالتنقيط والرش. ما يميز المعهد أنه ليس مجرد مستورد للتكنولوجيا، بل جهة تمنح اختبارات واعتمادات للمنتجات المحلية، وتشارك في تطويرها لتتواءم مع البيئة المصرية.
توطين الصناعة الزراعية: مبادرة استراتيجية على الأرض
أضاف الصياد أن توجه المعهد نحو التصنيع المحلي جاء تلبية لتوجيهات القيادة السياسية، خاصة مع التحديات التي تواجه الاستيراد من ارتفاع تكاليف الشحن وتقلص العملات الأجنبية. ومن أبرز إنجازاته تصميم وتصنيع آلة “سطارة القمح” محليًا بنسبة 100%، بتكلفة تقارب نصف مثيلتها المستوردة، وبعد تجارب ميدانية في خمس محافظات باتت جاهزة للتعميم.
في مشروع آخر، يعمل المعهد مع شركة “هايتك” على تصنيع آلة إزالة السبلات لمحصول الذرة، بنسبة مكونات محلية تصل إلى 80%. هذه الآلة تُطبّق لقطع أجزاء نبات “الأم” كي لا يحدث التلقيح الذاتي، وبذلك تضمن جودة التقاوي.
الميكنة والتوقيت: حسم المنافسة أمام التغيرات المناخية
شدد الصياد على أن التغيرات المناخية توجب الالتزام الدقيق بمواعيد الزراعة والحصاد، ولا تحتمل التأخير أو التبكير. من هنا، تلعب الميكنة دورًا حاسمًا في تقليص زمن بقاء المحاصيل في الأرض، مما يتيح زراعة المحاصيل التالية في الموعد دون تعطّل. على سبيل المثال، يمكن تقليل فترة زراعة الذرة من 120 يومًا إلى 100 يوم باستخدام الميكنة المناسبة والهجن المناسبة.
إنجازات وآلات مبتكرة تواكب الأرض المصرية
طوّر المعهد آلات متعددة تخدم الزراعة المحلية:
آلة “سطارة القمح”
بلانتر هوائي لتوزيع البذور بدقة
جهاز الري المحوري الدائري بنسبة تصنيع محلي تصل إلى 80٪
نظام الري بالأنابيب المبوبة
تعديل آلات الحصاد لتقليل الفاقد إلى 1–2٪ فقط
تطوير “دراس القمح” مع وحدة تجميع التبن لتسريع تجهيز الأرض للمحصول التالي
هذه النجاحات تؤكد أن المعهد لا يكتفي بنقل التكنولوجيا بل يعدّلها ويصنعها محليًا، استجابة لاحتياجات المزارع المصرية.
التحديات وأفق الاكتفاء الزراعي الذاتي
لا يخفى على الصياد أن تحقيق التصنيع المحلي الكامل لا يزال يواجه عوائق، أبرزها نقص آلات التصنيع الثقيلة التي تصنع مكونات الماكينات نفسها. لكن المعهد يخطط لبروتوكولات تعاون مع شركات كبرى لزيادة نسب الاعتماد المحلي في التصنيع، وتحويل مصر إلى مركز تصنيع زراعي قوي.
أما طريقة عمل آلة إزالة السبلات فهي مبنية على شاسيه مدمج يحتوي محركًا هيدروليكيًا وعددًا من الوحدات (4 إلى 8 وحدات) تُقصّ السبلة من أعلى النبات بدقة تحت تحكم السائق، مما يضمن كفاءة عالية وجودة في التقاوي.