الأرض
موقع الأرض

« الرجلة » تحارب الأمراض وتدعم الصحة بشكل طبيعي

اسلام موسى -

أكدت الدكتورة مروة ممدوح الجزار، الباحثة بقسم بحوث تكنولوجيا المحاصيل في معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية – مركز البحوث الزراعية، أن الرجلة (Portulaca oleracea L.) تُعد من النباتات البرية الغنية بالعناصر الغذائية والمركبات الحيوية، وتحمل أهمية غذائية وعلاجية لافتة، ما يجعلها من بين النباتات الواعدة في تطوير الأغذية الوظيفية.

الرجلة: كنز غذائي وعلاجي منسي في الطبيعة

تُعرف الرجلة بأسماء شتى في العالم العربي؛ ففي بلاد الشام تُسمى "البقلة" أو "الفرحين"، وفي الخليج تعرف بـ"البقلة المباركة"، بينما تُعرف في مصر باسم "الرجلة" أو "الرجلية". وهي نبات عشبي من الفصيلة الرجلية، ينمو بشكل طبيعي في الحقول والحدائق، وارتبط منذ القدم بالتقاليد الغذائية والطب الشعبي، خاصة في مناطق آسيا والشرق الأوسط.

تركيبة غذائية متكاملة

أوضحت الجزار أن الرجلة تُعد من أغنى النباتات البرية بالبروتينات، حيث يحتوي مسحوق أوراقها الجافة على نحو 25% بروتين، بينما تصل نسبة البروتين في بذورها إلى 18%، ما يجعلها مصدرًا ممتازًا لبناء الأنسجة وتجديد الخلايا.

في المقابل، ورغم انخفاض محتوى الدهون في أوراق الرجلة إلى أقل من 4%، فإن بذورها تحتوي على 16% دهون، ما يمنحها قيمة طاقوية عالية.

وإلى جانب البروتين والدهون، توفر الرجلة كميات كبيرة من الألياف الغذائية التي تساعد في تحسين الهضم، الوقاية من الإمساك، وزيادة الإحساس بالشبع، مما يعزز من دورها في التحكم بالوزن.

أوميغا-3 وفيتامينات حيوية

تتميز الرجلة بكونها من المصادر النباتية القليلة الغنية بأحماض أوميغا-3، وعلى رأسها حمض ألفا-لينولينيك، الذي يسهم في خفض ضغط الدم، وتقليل الكوليسترول الضار، والوقاية من أمراض القلب والشرايين.

وتفيد في ضبط مستوى السكر في الدم، مما يجعلها مناسبة لمرضى السكري من النوع الثاني.

كذلك، تحتوي الرجلة على فيتامين A الداعم لصحة العين، وفيتامين C الذي يعزز مناعة الجسم، إلى جانب مجموعة من فيتامينات B، الضرورية لعملية الأيض. كما تزخر بالمعادن، مثل البوتاسيوم، الكالسيوم، المغنيسيوم، الحديد، الفوسفور، والنحاس، مما يرسخ دورها في دعم العظام، العضلات، والدورة الدموية.

مركبات نشطة ومضادة للأكسدة

أشارت الدكتورة غادة توفيق أحمد حلاوة، من نفس القسم البحثي، إلى أن الرجلة تحتوي على مركبات نشطة حيوياً، مثل الفلافونويدات (كيرسيتين، لوتيولين) والبوليفينولات، التي تعمل كمضادات أكسدة قوية تساهم في حماية خلايا الجسم من التلف، وتقليل الالتهابات المزمنة.

هذا المزيج الفريد يمنح الرجلة دورًا مزدوجًا كغذاء وظيفي يجمع بين الوقاية والعلاج.

تطبيقات غذائية واعدة

أثبتت التجارب أن الرجلة يمكن أن تُستخدم كمكون غذائي فعّال في صناعة المخبوزات الصحية.

فقد أظهرت الدراسات أن استبدال دقيق القمح بنسبة 10% بمسحوق أوراق الرجلة أو 20% بمسحوق بذورها في صناعة المقرمشات، يرفع من قيمتها الغذائية دون التأثير على جودتها أو طعمها.

وفي حالة البسكويت، حققت أفضل النتائج عند استخدام 5% من مسحوق الأوراق أو 20% من مسحوق البذور.

تفتح هذه النتائج الباب أمام استخدام الرجلة كمكون طبيعي في تطوير الأغذية الوظيفية، خاصة في ظل تزايد التوجه العالمي نحو الأغذية الصحية والمستدامة.

خلاصة

تؤكد البحوث أن الرجلة ليست مجرد نبات بري، بل تمثل منظومة غذائية متكاملة بفضل غناها بالبروتين، الألياف، الأحماض الدهنية الأساسية، الفيتامينات، والمعادن، إلى جانب مركباتها النشطة المضادة للأكسدة والالتهابات.

وهو ما يجعل من الرجلة مكوناً غذائياً ووظيفياً واعداً، يمكن استثماره في الصناعات الغذائية، لاسيما في إنتاج مخبوزات صحية ذات جودة عالية وفوائد طبية ملموسة.