قش الأرز يفتح أبواب رزق جديدة للفلاحين

انطلقت في محافظة دمياط استعدادات مكثفة لموسم زراعة الأرز، وسط مشاهد لافتة تعكس تحولًا نوعيًا في طرق التعامل مع المخلفات الزراعية، لا سيما قش الأرز، الذي بات اليوم يشكل موردًا اقتصاديًا هامًا بدلًا من أن يكون سببًا في أزمات بيئية.
ففي ظل جهود متكاملة لتوفير الأسمدة ومياه الري اللازمة، لم تغب عن المشهد الزراعى الاستعدادات البيئية للحد من ظاهرة السحابة السوداء، الناتجة عن الحرق المكشوف لقش الأرز. إذ بدأ المزارعون في دمياط اتباع حلول مبتكرة تعتمد على إعادة تدوير القش واستخدامه كعلف للحيوانات، ما يسهم في حماية البيئة وتعظيم الاستفادة من الموارد الزراعية.
قش الأرز من عبء إلى ثروة
في قلب الحقول، يشير سعيد السنباطي، أحد مزارعي دمياط، إلى التحول الذي شهده المجتمع الزراعي:"فدان القش دلوقتي بقى له تمن، وبقينا نحافظ عليه.. استخدامه كعلف وفر علينا كتير، بدل ما كنا نحرقه ونخسر كل سنة".
ويُقدّر سعر فدان القش حاليًا بنحو 3000 جنيه، بعد أن لاقت فكرة استخدامه كعلف نجاحًا واسعًا، إذ يحتوي القش على نسبة بروتين تقارب 8%، وهي نسبة كافية لتلبية احتياجات عدد كبير من الحيوانات.
فرص عمل وتحقيق اكتفاء ذاتي
السنباطي أكد أن إعادة تدوير القش لم تُحسّن فقط من ظروف الإنتاج الحيواني، بل ساعدت أيضًا في خلق فرص عمل لعدد كبير من العمال، من خلال عمليات جمع القش وتشغيل ماكينات "الدراسة" التي تقوم بتجهيزه لخلطه ضمن وجبات الأعلاف.
وأضاف:"حالياً ما بقيناش نحرق القش خالص، بالعكس.. في ناس بتخزنه طول السنة، وناس تانية بتدور عليه بأي ثمن لتغذية ماشيتها".
رقابة صارمة لمنع الحرق
من جانبه، أوضح المهندس صادق فرغلي، وكيل وزارة الزراعة بدمياط، أن الوزارة اتخذت إجراءات صارمة هذا الموسم لضمان عدم العودة إلى ممارسات حرق القش، حيث تم تشكيل لجان ميدانية لرصد المزارع والتأكد من الالتزام بالضوابط البيئية.
ولفت إلى أن استخدام تقنيات تكنولوجية حديثة لرصد أي مخالفات بيئية، والتعامل معها على الفور، في إطار خطة شاملة للحد من ظاهرة السحابة السوداء التي طالما أزعجت السكان وأضرت بالبيئة.
موسم جديد بفكر جديد
تأتي هذه الاستعدادات في وقت حساس تشهده الزراعة المصرية، حيث تسعى الدولة والمزارعون إلى تحقيق التوازن بين الزراعة المستدامة وحماية البيئة، مع تعظيم العائد الاقتصادي من المحاصيل والمخلفات.
ومع اقتراب بدء موسم زراعة الأرز في دمياط، تبدو الصورة أكثر إشراقًا، بفضل وعي الفلاحين، وتكامل الجهود بين الجهات الرسمية والمجتمع الزراعي المحلي، في تحويل التحديات البيئية إلى فرص اقتصادية حقيقية.