الأرض
موقع الأرض

في عيده.. الفلاح المصري شريك التنمية وبطل الأمن الغذائي

اسلام موسى -

يحتفل الشعب المصري في التاسع من سبتمبر من كل عام بـ"عيد الفلاح"، في تقليد وطني راسخ يُجدد التقدير والعرفان لدور الفلاح المصري، الذي حمل على عاتقه على مدار التاريخ مهمة إطعام الأمة، وبناء حضارتها، وحراسة أمنها الغذائي.

يرتبط هذا اليوم بذكرى صدور قانون الإصلاح الزراعي الأول عام 1952، والذي أطلقه الزعيم الراحل جمال عبد الناصر بعد ثورة يوليو، واضعًا نهاية لعهد الإقطاع، وبداية لعصر جديد من العدالة الزراعية والاجتماعية، منح فيه الفلاح حقه في التمليك والكرامة والعيش فوق أرضه بعرقه وسواعده.

الفلاح.. عمود حضارة النيل وقلب الوطن النابض

لم يكن الفلاح مجرد "عامل" في الأرض، بل كان على مر العصور رمزًا للانتماء والصمود. فمنذ الحضارة الفرعونية، وحتى الدولة الحديثة، شكّل الفلاح المصري العمود الفقري لاقتصاد الوطن، وأحد دعائم المجتمع.

واجه الكوارث الطبيعية من فيضانات وجفاف، ومرّ بالأوبئة والمجاعات، لكنه ظل ثابتًا، مُنتجًا، ومخلصًا، يروي الأرض بعرقه، ويمنح الوطن خيره.

من قانون الإصلاح إلى عيد الفلاح: قصة إنصاف ممتدة

جاء قانون الإصلاح الزراعي ليُغيّر قواعد اللعبة، حيث حُدّدت الملكيات، ووزّعت الأراضي على المستحقين، وتم تمكين الفلاح من أدوات الإنتاج لأول مرة.

ومنذ ذلك التاريخ، أصبح يوم 9 سبتمبر ليس فقط ذكرى لقانون تاريخي، بل عيدًا وطنيًا للفلاح المصري، وفرصة سنوية لتجديد الالتزام المجتمعي والحكومي بدعمه والاعتراف بدوره في تحقيق الأمن الغذائي والاستقرار الاقتصادي.

الفلاح المصري في مواجهة تحديات الحاضر

في العصر الحديث، لا تزال تحديات الفلاح المصري قائمة، ولكنها أصبحت أكثر تعقيدًا، وتشمل:

الزيادة السكانية الهائلة التي قاربت 110 ملايين نسمة.

التغيرات المناخية وتأثيرها على الإنتاج الزراعي.

ندرة الموارد المائية والحاجة لأنظمة ري أكثر كفاءة.

الأسواق العالمية المتقلبة التي تؤثر على الصادرات والأسعار.

ومع هذه التحديات، لم يتراجع الفلاح، بل تطور دوره، وأصبح اليوم في صدارة مشروعات:

استصلاح الأراضي الجديدة.

تبني نظم الزراعة الذكية والري الحديث.

إنتاج محاصيل استراتيجية مثل القمح والذرة والأرز.

دخول السوق التصديري بمنتجات جديدة إلى جانب القطن والموالح.

الدولة تضع الفلاح في قلب أولوياتها

بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، تشهد مصر مرحلة غير مسبوقة من الدعم للفلاح، تشمل:

المشروع القومي للصوب الزراعية.

مبادرة “حياة كريمة” لتطوير الريف المصري.

دعم مستلزمات الإنتاج الزراعي وتحديث نظم الري.

تشجيع الزراعة التعاقدية وزيادة دخل المزارعين.

توفير الإنترنت والبنية التحتية الرقمية لدعم الزراعة الذكية.

الفلاح اليوم: رائد أعمال لا مجرد زارع

لم يعد الفلاح مجرد مستخدم لأدوات تقليدية، بل أصبح:

صاحب قرار مدروس مبني على البيانات.

مُستخدم للتكنولوجيا في تحليل التربة والمناخ.

مشارك في سلاسل القيمة الزراعية، من الإنتاج إلى التسويق.

مستفيد من التعليم والخدمات الصحية والاجتماعية الجديدة.

تشريعات وقوانين لضمان العدالة والتنمية

لتمكين الفلاح، يجب تحديث وتفعيل مجموعة من القوانين الداعمة، أبرزها:

قانون الزراعة: يجب أن يواكب التطورات التكنولوجية، ويُفعل الزراعة التعاقدية، ويوفر مستلزمات الإنتاج بأسعار عادلة.

قانون التعاون الزراعي: ليحول الجمعيات الزراعية إلى كيانات اقتصادية قوية قادرة على تقديم خدمات متكاملة.

قانون التأمين الصحي الشامل: لتوفير مظلة صحية للفلاحين وأسرهم.

قانون التكافل والمعاشات: لضمان أمان اجتماعي بعد سنوات طويلة من العمل.

عيد الفلاح.. رسالة وفاء وتجديد عهد

في عيده، نُحيي الفلاح المصري بكل فخر.

هو الحارس الأمين على الأرض، والغارس للأمل قبل الزرع، والركيزة الأساسية لكل تنمية حقيقية.

هو من يجعل "الرغيف" ممكنًا، و"الاستقرار" واقعيًا، و"الكرامة" حاضرة في وجدان الأمة.

فلنكن جميعًا في صفه: شعبًا، وحكومة، ومؤسسات، حتى يظل واقفًا على أرضه، مرفوع الرأس، منتجًا، ومؤمنًا بأن مستقبله ومستقبل مصر واحد.