موجة حر تجبر أوروبا على أكبر واردات للذرة منذ ثلاثة مواسم

تسببت موجة الحر غير المسبوقة في الاتحاد الأوروبي في تراجع توقعات إنتاج الذرة، لتدفع المنطقة نحو تسجيل أكبر حجم واردات للحبوب منذ ثلاثة مواسم. فقد أظهرت بيانات FranceAgriMer أن نسبة المحاصيل الفرنسية المصنفة جيدة أو ممتازة هبطت إلى 62% منتصف أغسطس، مقارنة بمستويات أعلى بكثير العام الماضي، في انعكاس مباشر لشدة الحرارة والجفاف.
في شمال إسبانيا وجنوب فرنسا تجاوزت درجات الحرارة المعدلات الطبيعية بتسع درجات مئوية حتى 16 أغسطس، ما أدى إلى تراجع جودة الغلال. الوضع لم يقتصر على غرب أوروبا، إذ تشير التقديرات إلى أن بلغاريا تواجه أدنى إنتاج من الذرة وعباد الشمس منذ عقود بسبب الطقس الجاف.
وبحسب المجلس الدولي للحبوب، يتوقع أن يستورد الاتحاد الأوروبي نحو 21 مليون طن من الذرة في موسم 2025-2026، ليبقى ثاني أكبر مستورد عالميا بعد الصين، معتمدا بشكل رئيسي على الإمدادات الوفيرة والرخيصة القادمة من البرازيل والولايات المتحدة، حيث يتوقع حصاد قياسي.
انخفضت أسعار الذرة في بورصة شيكاغو إلى أدنى مستوياتها في عام بداية أغسطس بفعل توقعات الوفرة في أمريكا الجنوبية والشمالية، بينما شهدت العقود الآجلة للذرة في باريس ارتفاعا محدودا بلغ 0.8% يوم الجمعة قبل أن يتباطأ لاحقا. ويرى محللون أن الذرة البرازيلية والأمريكية تتمتع بميزة تنافسية في السوق العالمية تجعلها خيارا جذابا للمستوردين الأوروبيين.
ورغم أن توقعات الطقس تشير إلى تحسن نسبي في الرطوبة جنوب القارة مع دخول الخريف، فإن استمرار الجفاف في شمال ألمانيا والمملكة المتحدة وجنوب رومانيا وإسبانيا سيزيد من صعوبة الحصاد ويعمق اعتماد الاتحاد الأوروبي على الواردات.
الأزمة الحالية تكشف هشاشة القطاع الزراعي الأوروبي أمام تغير المناخ، وتجبر الحكومات والمزارعين على البحث عن بدائل في الأسواق الخارجية لضمان استقرار الإمدادات الغذائية، وسط منافسة عالمية متزايدة على الحبوب وأسعار متقلبة قد تعيد رسم خريطة تجارة الذرة في الأعوام المقبلة.