الأرض
موقع الأرض

تجاوز زراعة الأرز للمخطط الحكومي يهدد الأمن المائي

إسلام موسى -

كشف علاء فاروق، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، أن أزمة القطاع الزراعي في مصر لا تتمثل في نقص الأراضي، بل في ندرة المياه، مؤكدًا أن الدولة تعمل على مواجهة هذا التحدي بحلول عملية تحافظ على التوازن بين حقوق المزارعين ومتطلبات الأمن المائي.

وقال فاروق إن "مشكلتنا مش في الأرض، مشكلتنا في المياه. لو عندنا مقررات مائية هنزرع مصر كلها." مشيراً إلى أن المياه باتت هي العنصر الحاسم في معادلة التوسع الزراعي، وليس توفر المساحات الصالحة للزراعة.

زراعة الأرز تتجاوز المستهدف الحكومي... والمياه تدفع الثمن

وأوضح الوزير أن المساحة المزروعة بالأرز هذا العام بلغت نحو 1.8 مليون فدان، متجاوزة الخطة المستهدفة التي حددت عند 1.05 مليون فدان فقط.

ولفت إلى أن الزيادة جاءت بالأساس من قبل صغار المزارعين، الذين لجأوا إلى زراعة الأرز لما له من عائد اقتصادي مرتفع، متجاهلين في بعض الحالات الحصص المائية المقررة.

ونوه فاروق إلى أن هذا التوسع غير المخطط له يُعد مخالفة تؤثر بشكل مباشر على الموارد المائية، ما يستوجب معالجة الأمر بشكل متوازن يراعي الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية دون التفريط في أمن مصر المائي.

حلول مبتكرة لتعويض نقص المياه... والتوسع في المعالجة

وأكد الوزير أن الدولة لا تقف مكتوفة الأيدي أمام هذا التحدي، بل تسعى إلى تعظيم الاستفادة من الموارد المائية المتاحة، عبر عدد من المحاور، أبرزها:

إنشاء محطات متطورة لمعالجة مياه الصرف الزراعي، وإعادة استخدامها في الري بطريقة آمنة.

استغلال مياه الأمطار في بعض المناطق، وتوجيهها لدعم أنشطة الزراعة المحلية.

نشر تقنيات الري الحديثة لترشيد الاستهلاك وتقليل الفاقد.

المساءلة لا تعني العقاب فقط... والمزارع شريك في الحل

وشدد الدكتور علاء فاروق على أن الدولة لا تستهدف معاقبة المزارعين، بل تصحيح المسار، من خلال نشر ثقافة جديدة لترشيد استخدام المياه، وتقديم بدائل عملية وتحفيزات واقعية تُشجّع المزارع على الالتزام دون الإضرار بمصدر رزقه.

وأكد أن المساءلة الزراعية يجب أن تُبنى على التوعية والتفاهم قبل العقوبة، قائلاً: "ما نقدرش نكون قاسيين قوي مع المزارعين بتوعنا."

وأضاف أن الوزارة تولي اهتمامًا خاصًا بصغار المزارعين باعتبارهم عمود الزراعة المصرية، وتسعى لدمجهم في منظومة الحلول الذكية والمستدامة التي تتبناها الدولة في الفترة المقبلة.

مستقبل الزراعة في مصر... مرهون بترشيد المياه وتغيير الثقافة

يأتي هذا التوجه في وقت تواجه فيه مصر تحديات متصاعدة في ملف المياه، وسط تغيرات مناخية ومحدودية في حصص المياه التقليدية. ويبدو أن الرهان الأكبر لن يكون على مساحة الأرض، بل على عقل المزارع وإرادته في التغيير.

وبينما تتحرك الدولة بخطى واضحة نحو إرساء أسس الزراعة المستدامة، يتطلب الأمر مشاركة جماعية من المجتمع الزراعي لضمان نجاح هذه الجهود، وتحقيق التوازن بين الأمن الغذائي والأمن المائي في آن واحد.