الأرض
موقع الأرض

طفرة تاريخية في زراعة وإنتاج سكر البنجر

إسلام موسي -

حققت صناعة سكر البنجر في مصر موسمًا غير مسبوق، حيث استقبلت تسعة مصانع وطنية نحو 18 مليون طن من محصول البنجر خلال موسم 2025، مسجلة قفزة بنحو 50% مقارنة بالموسم السابق، وفقًا لبيانات رسمية صادرة عن وزارة الزراعة.

هذا النمو القوي في التوريد يعكس تحوّلاً واضحًا في خريطة الإنتاج الزراعي بمصر، ويؤكد نجاح السياسات الحكومية في دعم المحاصيل الإستراتيجية، في مقدمتها البنجر، الذي أصبح ركيزة رئيسية في تأمين احتياجات السوق المحلية من السكر.

الدقهلية تتصدر المشهد

تصدرت شركة الدقهلية للسكر قائمة المصانع من حيث الكميات المستلمة، بنحو 2.8 مليون طن من إنتاج مساحات تجاوزت 125 ألف فدان، تلتها شركة الدلتا للسكر التي تسلمت 2.6 مليون طن من نحو 123 ألف فدان.

وعلى مستوى المحافظات، جاءت كفر الشيخ في الصدارة بإنتاج 2.5 مليون طن من محصول البنجر المزروع على مساحة بلغت 119 ألف فدان، تلتها محافظة الشرقية بـ2.2 مليون طن من خلال 103 آلاف فدان.

إنتاجية الفدان تكسر الحواجز

سجّل متوسط إنتاجية الفدان على مستوى الجمهورية نحو 30.5 طن، بينما حققت منطقة توشكى أعلى إنتاجية بلغت 48.1 طن للفدان، في حين سجلت محافظة بورسعيد أقل إنتاجية عند 18.4 طن للفدان.

الموسم الذي بدأ تقليديًا في فبراير واستمر حتى يوليو، امتد هذا العام حتى أغسطس، بسبب التوسع الكبير في المساحات المزروعة التي وصلت لأول مرة إلى 780 ألف فدان، ارتفاعًا من 600 ألف فدان فقط في الموسم الماضي.

الأسعار تقود التوسع

وأكد رئيس مجلس المحاصيل السكرية، الدكتور مصطفى عبدالجواد، أن هذا التوسع يعود بشكل أساسي إلى زيادة سعر التوريد التي أعلنتها الحكومة مع بداية الموسم، حيث ارتفع السعر إلى 2400 جنيه للطن، بزيادة قدرها 26%، مما حفّز المزارعين على تكثيف الزراعة خلال العروات الزراعية الثلاث من أغسطس إلى منتصف نوفمبر.

وأشار عبدالجواد إلى أن معظم المصانع أنهت عمليات الإنتاج، باستثناء مصنع الفيوم الذي لا يزال يعمل على تصريف الكميات الفائضة، بعد أن استقبل ما يقرب من 1.8 مليون طن من البنجر المزروع على نحو 82 ألف فدان.

قفزة في الإنتاج المحلي

وتوقع عبدالجواد أن يصل إجمالي إنتاج سكر البنجر في مصر بنهاية الموسم إلى 2.5 مليون طن، مقارنة بـ1.5 مليون طن في العام السابق، بزيادة قدرها مليون طن. ومع احتساب إنتاج سكر القصب، يُتوقع أن يتجاوز إجمالي الإنتاج المحلي من السكر المكرر 3.1 مليون طن، في رقم غير مسبوق بتاريخ الصناعة المصرية.

تراجع في الواردات ووفرة بالسوق

الطفرة في الإنتاج المحلي انعكست مباشرة على فاتورة الواردات، إذ تراجعت واردات مصر من السكر الخام خلال أول خمسة أشهر من العام الجاري بنسبة 48%، لتسجل 195.6 مليون دولار فقط، مقارنة بـ377.2 مليون دولار خلال نفس الفترة من العام الماضي، وفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

كما انخفضت عائدات تصدير السكر بنسبة 23.7% خلال الفترة نفسها لتسجل 102.6 مليون دولار، مقابل 134.5 مليون دولار العام الماضي، ما يعكس توجه المصانع نحو تغطية السوق المحلية أولاً.

من الأزمة إلى الوفرة

يأتي هذا الإنجاز بعد أزمة حادة شهدها السوق المصري في أكتوبر 2023، عندما قفزت أسعار السكر إلى مستويات تاريخية بلغت 60 جنيهًا للكيلوغرام، نتيجة نقص حاد في المعروض استمر لأكثر من خمسة أشهر. أما اليوم، فقد استقر السعر في متاجر التجزئة عند 30 جنيهًا تقريبًا، وسط وفرة واضحة في المنتج المحلي.

تحليل:

هذا الموسم الاستثنائي لا يمثل فقط إنجازًا زراعيًا وصناعيًا، بل يعكس تحوّلًا إستراتيجيًا في توجه الدولة نحو تعزيز الأمن الغذائي وتقليص الاعتماد على الاستيراد. فزيادة الإنتاج المحلي وتوسيع الرقعة الزراعية لمحاصيل رئيسية مثل البنجر، يفتح الباب أمام تحقيق الاكتفاء الذاتي، وتثبيت أسعار السلع الحيوية للمستهلك، في وقت تتقلب فيه الأسواق العالمية بشكل غير مسبوق.