غياب تخطيط .. واقتفاء أثر القطيع .. وخسائر 3 عروات
الأسباب الحقيقية لانهيار أسعار الطماطم .. فيديو

كشف اصحاب مشاتل وخبراء زراعة وتعاون وتجار أسمدة ومبيدات، الأسباب الحقيقية المباشرة لانهيار أسعار الطماطم للعروة الثالثة على التوالي، وأهمها غياب التخطيط، وعدم اتباع سياسة زراعية تعتمد على تخصيص مساحات بعينها لحاصلات زراعية دون غيرها لمناطق محددة، مع إفادة مناطق أخرى بحاصلات أخرى، بحيث تكون الإنتاجية متناسبة مع الاحتياجات المحلية والتصديرية، بما يرفع قيمتها الاقتصادية.
وبسبب الانهيار المروع والخسائر المتلاحقة لمحصولي البطاطس، والطماطم، ينضم هذان المحصولان إلى كارثة البصل الذي أصيب بوقف الحال، منذ نحو عامين، وذلك بسبب سوء التخطيط من جهة، (غياب التنسيق بين وزارة الزراعة والمزارعين)، وتراخي أجهزة التسويق الدولية المعنية بحلول مشاكل تصدير الحاصلات البستانية، خاصة في السعودية التي ترد الصاع صاعين للصادرات المصرية، بسبب وقف تصدير البصل المصري إليها ستة أشهر خلال موسم 2023، بعد أن بلغ سعر البصل في السوق المحلية المصرية آنذاك نحو 50 جنيها.
كارثة مشاتل الخضر
وقال محمد زكي صاحب مشاتل ومحطة للخضار المطعوم في الخطاطبة (منوفية)، إن دخول محصول أكبر 3 مناطق لزراعة الطماطم في أراضي الاستصلاح في الوجه البحري، تشابك وتداخل مع محصول معظم زراعات الطماطم في الدلتا، والصعيد، فزادت الإنتاجية العامة عن الاحتياجات الاستهلاكية للمصريين بنحو 5 أضعاف على الأقل، في ظل عدم تطوير صناعة القيمة المضافة من محصول الطماطم الطازج.
تضرر مشاريع مغذية لزراعة الطماطم
وأوضح زكي في تصريح خاص لموقع "الأرض"، أن الخسائر المتلاحقة لمزارعي الطماطم، يؤثر سلبا على كثير من الصناعات القائمة على أو المغذية لزراعة الطماطم، ومنها: المشاتل، مصانع خراطيم ومستلزمات الري الحديث، مصانع الأسمدة الصغيرة، ومتاجر بيع الأسمدة والمبيدات، إضافة إلى تضرر معظم الأسر المهمشة التي تمثل القوى الضاربة للأيدي العاملة الزراعية.
تواضع الصناعات القائمة على زراعات الطماطم
وأضاف محمد زكي أن التوسعات التي تشهدها مصر في زراعات الطماطم، في عروات متعددة، نتيجة تنوع المناخ في ربوع مصر، لم تواكبها توسعات في مشاريع القيمة المضافة، سواء لتصنيع الصلصات، أو المعاجين، أو الكاتشب، إضافة إلى مناشر التجفيف في صعيد مصر، لافتا إلى أن إنتاج الصعيد فقط من الطماطم يفيض عن احتياجات مصر قاطبة من هذه السلعة، "كما تتوافر في الصعيد فرص مجانية للتجفيف والتصدير داخل المناشر الشمسية".
مناشر الأقصر وأسوان لتجفيف الطماطم
من جهته، قال العمدة مجدي الحسيني صاحب ومدير شركة الحسيني للتجارة والتوكيلات، إنه استبق الخيرات منذ عدة أعوام بإنشاء المناشر الشمسية للطماطم في محافظتي الأقصر وأسوان، "وبدأنا التصدير منها إلى تركيا منذ عدة سنوات مضت، وكانت تركيا كمنفذ وحيد لشركتنا تصدرها إلى معظم دول الاتحاد الأوروبي".
وأضاف الحسيني في تصريح خاص بموقع "الأرض"، أن ظروفا طارئة على العلاقات المصرية التركية أوقفت صادرات الطماطم المجففة من مناشر إسنا (الأقصر)، ما اضطره لفتح سوق أوروبا من بوابة النمسا مرة أخرى، لكنه يطمح خلال الموسم المقبل لعقد اتفاقات لزراعات تعاقدية لصالح جهات أوروبية مباشرة، وذلك لاستثمار إنتاج مزارعي الصعيد، وتحقيق القيمة المضافة من زراعاتهم.
التعاونيات الإنتاجية تحل مشاكل مزارعي الخضر والفواكه
أما مظهر عيسى أبو بكر التعاوني الزراعي ورئيس جمعية الثوم والبصل المحلية بسوهاج (تحت التأسيس)، فقال في تصريح لموقع "الأرض"، إن غياب التعاونيات عن المشهد التسويقي يضرب صغار المزارعين في مقتل، بعد أن ضلوا الطرق إلى جهات التخطيط والإرشاد في وزارة الزراعة.
وأضاف أبو بكر أن إعادة التسويق التعاوني من خلال الجمعيات المحلية، ثم المركزية، ثم المشتركة، وصولا إلى العامة، واستثمار التطوير والتحديث المستمر لقانون التعاون الزراعي، يجب أن يرفع من قيمة زراعات المحاصيل الطازجة، مثل: الطماطم، الجزر، البصل، والثوم، وذلك بعد دخول هذه الجمعيات في استثمارات لإنشاء مناشر تجفيف شمسية حديثة، ومصانع لتجفيف البصل والثوم وطحنه، وتصديره أو بيعه في صورة جديدة على مدار العام.
حلول عملية لوقف خسائر زراعات الطماطم
محمد صبحي منصور (خبير زراعي)، أكد أن غياب التخطيط الزراعي وراء خسائر الزراعات المصرية في جميع الأصناف الفاكهية والخضر، وحتى بعض المحاصيل الحقلية، لافتا النظر إلى أن دول المغرب العربي، وتركيا تفرض التخطيط بتقسيم المناطق الزراعية وفقا لخريطة أصناف، كما تفرض غرامات قاسية على المخالفين لهذه الخرائط.
وطالب محمد صبحي بضرورة إلزام المزارعين باتباع تعليمات الخريطة التي تضعها وزارة الزراعة ممثلة في قطاع التخطيط، حيث يجب توزيع المساحة المطلوبة للاكتفاء الذاتي الشامل (استهلاك محلي، ومصانع صلصة، وتصدير) على جميع المناطق، وفقا للعروات والمناخ والأصناف المناسبة لكل منطقة، حتى لا تستمر العشوائية في الزراعة وفقا لسياسة "اقتفاء أثر القطيع".
ويقترح صبحي في تصريحه لموقع "الأرض"، تغريم المخالفين لسياسة التخطيط الزراعي، وذلك بقطع مياه الري، ووقف صرف الأسمدة، وجميع صور الدعم، إضافة إلى إزالة الزراعات في المهد، مع الغرامات المالية أيضا.