الأرض
موقع الأرض

فلاحون يصرخون: فدان البطاطس يخسر مائة ألف

اسلام موسى -

أكد الدكتور حسني عطية عزام، وكيل وزارة الزراعة بالبحيرة، أن الوزارة قدمت دعماً فنياً ومالياً متكاملاً للمزارعين، من خلال توفير الأسمدة والتقاوي عالية الجودة، بالإضافة إلى تنظيم دورات إرشادية موسعة تعتمد على أحدث أساليب الزراعة الحديثة والري المتطور.

وأشار إلى أن مبادرة "حياة كريمة" لعبت دورًا محوريًا في دعم الفلاحين، عبر إنشاء مجمعات زراعية بيطرية متكاملة تضم جمعيات زراعية ووحدات إرشاد بيطري وزراعي تقدم خدمات متكاملة في موقع واحد، ما أسهم في تحسين الأداء الزراعي بشكل كبير.

طفرة في إنتاج البطاطس

وصل متوسط إنتاج الفدان الواحد من البطاطس هذا الموسم إلى نحو 20 طنًا، مقارنة بمعدلات أقل في السنوات السابقة. وأرجع المزارعون هذا التحسن إلى توافر التقاوي بأسعار مناسبة وجودة عالية، حيث تم طرح الشيكارة بسعر 5,000 جنيه مقابل 8,000 في العام الماضي، ما شجع على التوسع في الزراعة.

لكن هذا النجاح لم يخلُ من منغصات، إذ أوضح مزارعو منطقة أبيس، ومنهم سامح كمال، محمد السمان، حسام حمروش، وخالد حافظ – أن وفرة الإنتاج أدت إلى تراجع السعر المحلي للبطاطس إلى 3 جنيهات للكيلو، وهو ما تسبب في خسائر تُقدّر بنحو 100 ألف جنيه للفدان الواحد، نتيجة ضعف التصدير وارتفاع تكاليف الزراعة، مثل الري والأسمدة والمبيدات وأجور العمالة والنقل.

جهود الجمعية الزراعية: توفير التقاوي وتحقيق الجودة

أشاد السيد غنيوه، عضو الجمعية العامة لاستصلاح الأراضي، بجهود الجمعيات الزراعية في توفير التقاوي من خلال التعاقدات المباشرة مع الشركات المنتجة، مشيرًا إلى أن الإنتاج هذا الموسم كان وفيرًا، لكن أزمة التسويق وغياب التصدير أدت لخسائر كبيرة.

رأي المختصين: الإنتاجية العالية نتاج جهود متكاملة

المهندس تامر زلهف، مدير منطقة أبيس الزراعية، أوضح أن الجودة المرتفعة ترجع لتوفير تقاوي مستوردة نظيفة بأسعار مناسبة، مما رفع إنتاجية الفدان إلى أكثر من 21 طن، في حين أشار التاجر أشرف صقر إلى أن وفرة العرض المحلي بسبب انخفاض سعر التقاوي وارتفاع سعر البطاطس العام الماضي، دفع التجار لشراء كميات كبيرة، لكن السعر النهائي تحدده آليات السوق من عرض وطلب.

في مركز إيتاي البارود، الذي يحتضن أكبر بورصة لتقاوي البطاطس في مصر "بورصة التوفيقية"، أكد الدكتور شعبان أبو علقة مدير الإدارة الزراعية، أن عملية فحص التقاوي والتوعية الزراعية تتم عبر لجان متخصصة، مع صرف الأسمدة وفق ضوابط دقيقة من وزارة الزراعة.

البطاطس في مصر.. أهمية استراتيجية ومحصول عالمي

البطاطس تُعد رابع أهم محصول غذائي عالميًا بعد القمح والذرة والأرز، وتنتشر زراعتها في مصر على مساحة 325 ألف فدان، وتُزرع في ثلاث عروات مختلفة لتلبية احتياجات السوق المحلي والتصدير. وتتمتع محافظة البحيرة بمزايا كبيرة في زراعة هذا المحصول، نظرًا لتوافر الأراضي الخصبة والعمالة الزراعية المدربة.

تحسن المناخ وغياب الأمراض.. مفتاح الجودة

أوضحت الدكتورة إيمان العرجاوي، أستاذ أمراض النبات بجامعة دمنهور، أن الموسم الحالي تميز بغياب مرض "اللفحة المتأخرة" الذي يُعد من أخطر الأمراض الوبائية التي تصيب البطاطس، ما ساهم في تحقيق إنتاجية أعلى وجودة أفضل، إلى جانب استخدام أصناف مقاومة للأمراض، وتحسين برامج التسميد ونظم الري الحديث.

دعم الإرشاد والتكنولوجيا والزراعة الذكية

في السياق ذاته، شدد الدكتور هاني حبيبة، أستاذ الإرشاد الزراعي، على أهمية تبني الزراعة الذكية لمواجهة التغيرات المناخية، مشيرًا إلى مشروع ميداني جاري تنفيذه في البحيرة تحت مسمى "التكيف مع التغيرات المناخية"، عبر 48 مدرسة حقلية لتدريب المزارعين عمليًا على الأساليب الزراعية السليمة، لا سيما في مركزي كفر الدوار وأبو حمص.

البطاطس والتصدير.. فرصة لم تُستغل بعد

من جانبه، كشف الدكتور خالد عمر رحومة، أستاذ الاقتصاد بجامعة دمنهور، أن مصر صدرت نحو مليون طن من البطاطس في 2025 مقارنة بـ 650 ألف طن في 2024، وهو ما يعكس الفرصة الضائعة في دعم التسويق الزراعي، خاصة في ظل الفائض الكبير من الإنتاج محليًا، ما يستوجب تحسين منظومة التصدير لتحقيق دخل دولاري وتعزيز الاقتصاد الوطني.