ضربة الشمس تصيب التمور وتخفض أرباح المزارعين

خلال ذروة الصيف وحين يتحوّل البلح إلى رطب يانع يترقبه السوق والمستهلك، يظهر تهديد خفي يُفسد بهجة الحصاد ويقلل من القيمة التجارية لثمار النخيل. إنها ظاهرة البقع الداكنة، أو ما يُعرف علميًا بـ"ضربة الشمس" أو "لسعة الشمس"، إحدى أكثر الإصابات التي تُهاجم الثمار في مرحلة النضج دون سابق إنذار.
في الماضي، كانت هذه الظاهرة نادرة الحدوث نسبيًا، وتقتصر على فترات الحر الشديد أو خلال مواسم جني متأخرة، إلا أن التغيرات المناخية المتسارعة وارتفاع درجات الحرارة خلال السنوات الأخيرة زادت من حدة انتشارها، ما دفع المختصين في علوم الزراعة إلى دق ناقوس الخطر حول مستقبل جودة إنتاج التمر، أحد أهم المحاصيل في العالم العربي.
أما في الحاضر، فتُسجل مزارع النخيل، لا سيما في المناطق الصحراوية، إصابات متكررة بضرر واضح على سطح الثمار، يتمثل في بقع بنية داكنة أو سوداء، ناعمة الملمس، ومجعدة. هذه العلامات لا تعني فقط تشوّهًا في المظهر، بل تؤدي إلى تراجع قيمتها التسويقية وقد تتسبب في خسائر كبيرة للمزارعين والمصدّرين على حد سواء.
ويؤكد الخبراء أن هذه الأعراض لا ترتبط بأي إصابة حشرية أو مرض فطري، بل تنتج عن تعرض الثمار لأشعة الشمس المباشرة لفترات طويلة، خاصة في ظل غياب التظليل الطبيعي الناتج عن تقليم مفرط للسعف، أو نتيجة موجات حرارة مفاجئة تؤثر سلبًا على نضج الثمار. وغالبًا ما تتركز الإصابة في الجهة المواجهة للشمس مباشرة، ما يجعل من رعاية موقع الثمرة داخل التاج النخلي أمرًا بالغ الأهمية.
تشمل أعراض الإصابة:
بقع داكنة من البني إلى الأسود.
ملمس مرن ومجعد في موضع الإصابة.
غياب أي علامات لثقوب أو حشرات.
أبرز الأسباب:
التعرض المباشر والمطوّل لأشعة الشمس.
نقص التظليل الطبيعي بسبب تقليم السعف الزائد.
تأخير موعد جني الثمار.
تغيرات مفاجئة في درجات الحرارة.
ولمواجهة هذا التحدي، يُوصي المختصون بعدد من الإجراءات الوقائية والعلاجية التي يمكن أن تحد من انتشار الظاهرة، أبرزها:
الحفاظ على السعف الطبيعي حول الثمار، لتوفير تظليل طبيعي وتقليل تعرضها المباشر للشمس.
تقليم معتدل لأوراق النخيل، يوازن بين التهوية الجيدة ومنع الاحتباس الحراري حول التاج.
تحديد التوقيت المناسب لقطف الثمار، لتفادي تعرضها للحرارة الزائدة.
استخدام شبك التظليل (shade net) في حالات الحرارة المرتفعة والموجات الحارة الشديدة.
أما المستقبل، فربما يكون أكثر تحديًا إذا استمرت درجات الحرارة في التصاعد، مما يستدعي تكاتفًا أكبر بين المزارعين والباحثين الزراعيين لتطوير حلول جديدة، سواء عبر أساليب تظليل مبتكرة أو اختيار أصناف نخيل أكثر تحمّلًا للحرارة. فالتمر ليس مجرد محصول موسمي، بل هو إرث اقتصادي وثقافي، وحمايته من هذه الإصابات ضرورة تتجاوز حدود المزرعة لتصل إلى الأمن الغذائي والموروث الزراعي للدول المنتجة.