موجات الحر تضرب الأرز المصري وتحذيرات علمية عاجلة

حذّر الدكتور محمد يوسف، رئيس قسم أمراض النبات بكلية الزراعة جامعة الزقازيق، من التأثيرات المناخية المتصاعدة التي بدأت تلقي بظلالها الثقيلة على محصول الأرز في مصر، مؤكدًا أن درجات الحرارة المرتفعة باتت تمثل تهديدًا مباشرًا لهذا المحصول الاستراتيجي، خاصة خلال المواسم الحالية.
وأشار إلى أن محصول الأرز في الماضي، اعتُبر من أكثر المحاصيل استقرارًا نسبيًا في مصر، نظرًا لاعتماده على بيئة مائية تُخفف من حدة التقلبات الجوية. لكن مع التغيرات المناخية المتسارعة وارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات غير مسبوقة، بدأت تظهر مؤشرات خطيرة على المحصول من حيث الكمية والجودة.
في الحاضر، أوضح الدكتور يوسف أن الفجوة الكبيرة بين درجات حرارة الليل والنهار تؤثر سلبًا على نمو نبات الأرز، إلى جانب زيادة معدلات التنفس في النبات، وهو ما يُقلل من عملية البناء الضوئي، وبالتالي من كفاءة الإنتاج. كما تسهم الحرارة في زيادة النتح، وحدوث الذبول المؤقت، وانخفاض نسبة امتلاء الحبوب ووزنها، وهو ما يؤثر على القيمة الغذائية والتجارية للمحصول. كما أن ارتفاع الحرارة يؤثر بشكل مباشر على حيوية حبوب اللقاح، ويُقلل من عدد الحبوب الممتلئة، فضلاً عن تراجع جودة الحبوب وارتفاع نسبة الكسر فيها.
أما مستقبلًا، فقد أكد الدكتور يوسف أن استمرار درجات الحرارة بهذه الوتيرة دون تدخلات عاجلة، سيؤدي إلى انخفاض كبير في إنتاجية الأرز، ما يُهدد الأمن الغذائي المصري ويُضيف أعباءً جديدة على الفلاحين والدولة على حد سواء.
وفي هذا السياق، قدم الدكتور محمد يوسف مجموعة من التوصيات الفنية والعاجلة التي يجب على المزارعين اتباعها للحد من آثار الحرارة المرتفعة على المحصول، مشددًا على أهمية تغيير نمط التعامل مع زراعة الأرز في ظل الظروف المناخية الجديدة. وتضمنت توصياته ما يلي:
الري في الفترات المناسبة، خاصة في الليل أو الصباح الباكر، مع تقليل الفترات الفاصلة بين الريات.
عدم ترك الحقول تجف، والحفاظ على نسبة رطوبة معتدلة طوال فترة النمو.
إضافة عنصر البوتاسيوم، لما له من دور كبير في تحسين نمو النبات وزيادة مقاومته للظروف المناخية القاسية.
تجنب رش المبيدات خلال ساعات الظهيرة، لتفادي حدوث صدمات حرارية للنبات.
تغيير مياه الحقل بانتظام، لضمان تجديد العناصر المغذية وتقليل حرارة التربة.
الحرص على تجنب تعطيش النباتات، والاهتمام بالري المتقارب خاصة خلال فترات ارتفاع الحرارة.
العمل على تقليل تأثير الحرارة على إنتاج التقاوي، لضمان جودة المحصول في المواسم القادمة.
واختتم أن هذا التحذير العلمي من جامعة الزقازيق هو تسليط الضوء على التحديات التي تواجه الزراعة المصرية في ظل التغيرات المناخية، وضرورة التحرك السريع لوضع استراتيجيات متكاملة لمواجهة هذه الظواهر، ليس فقط في الأرز، بل في مختلف المحاصيل الاستراتيجية. فبين الحاضر المُقلق والمستقبل المُهدَّد، يبقى العلم والتخطيط الجيد هما خط الدفاع الأول أمام التغير المناخي.