الأرض
موقع الأرض

أسعار الأسمدة النيتروجينية تبلغ ذروتها في 3 سنوات.. لكن الانخفاض يقترب

أسعار الأسمدة النيتروجينية
محمود راشد -

ارتفعت أسعار الأسمدة النيتروجينية عالميا إلى أعلى مستوياتها منذ نهاية عام 2022، مدفوعة بقيود فرضها الاتحاد الأوروبي على الواردات، لكن مؤشرات السوق تشير إلى احتمال تراجع قريب.
وبحسب بيانات البنك الدولي، ارتفع سعر سماد اليوريا بنسبة 18% في يوليو ليبلغ 496 دولارا للطن، وهو أعلى مستوى منذ ديسمبر 2022 حين بلغ 519.38 دولارا. ويعزى هذا الارتفاع إلى تشديد السياسات التجارية الأوروبية، حيث فرض الاتحاد الأوروبي، اعتبارا من 1 يوليو، رسوما إضافية تبلغ 40 يورو للطن على الأسمدة النيتروجينية، و45 يورو على الأسمدة المختلطة، فوق الرسوم الحالية البالغة 6.5% على الأسمدة الروسية. ومن المتوقع أن ترتفع هذه الرسوم تدريجيا لتصل إلى 315 و430 يورو على التوالي بحلول عام 2028.
كما انعكس هذا التوجه على أسعار باقي أنواع الأسمدة. إذ ارتفع سعر الأسمدة المركبة المحتوية على الفوسفور والنيتروجين إلى 736 دولارا للطن، والأسمدة الفوسفورية إلى 655 دولارا، وهو أعلى مستوى منذ خريف 2022.
ورغم هذا الارتفاع، تشير أنماط السوق الموسمية إلى تراجع متوقع حيث تميل أسعار اليوريا إلى الارتفاع خلال شهري يونيو ويوليو، قبل أن تتراجع تدريجيا بحلول أغسطس وتبقى مستقرة حتى أكتوبر، حين يبدأ الموسم النشط من جديد.
لكن هذا العام يشهد استثناءات واضحة. إذ دفعت مناقصة غير معتادة من الهند دورة الشراء إلى شهر أغسطس، حيث أبدت نيودلهي استعدادها لدفع أسعار مرتفعة لشراء ما يصل إلى مليوني طن من اليوريا، في وقت تشهد فيه بقية الأسواق الكبرى مثل البرازيل والولايات المتحدة وأوروبا حالة من التباطؤ الموسمي. ويُعتقد أن احتجاجات المزارعين في الهند هي ما دفع الحكومة لتأمين مخزون كاف من الأسمدة رغم الأسعار المرتفعة.
وبالإضافة إلى ذلك، من المرجح أن لا تستطيع السوق تلبية الكمية المطلوبة للهند في أغسطس، ما يعني احتمالية طرح مناقصة جديدة في سبتمبر، وهو ما قد يُبقي الأسعار مرتفعة مؤقتا في بعض الأسواق، حتى في نيجيريا التي تأثرت مباشرة بالمناقصات الهندية.
التوترات التجارية والجيوسياسية تضيف مزيدا من الضبابية. فقد ردت تركيا على الإجراءات الأوروبية بفرض رسوم على الأسمدة القطرية، بينما يبقى موقف الولايات المتحدة من العقوبات على صادرات الأسمدة الروسية غير محسوم. في المقابل، تحاول الهند تنويع مصادرها عبر استئناف الإمدادات من سلطنة عمان.
أما في الأسواق الإقليمية، فقد شهدت الصادرات المصرية تراجعا في الطلب، مع عزوف من الأسواق التقليدية مثل تركيا والاتحاد الأوروبي ومنطقة البحر الأسود عن شراء اليوريا الحبيبية المصرية المرتفعة الثمن (465 دولارا للطن). في المقابل، ركز المصدرون الصينيون على أسواق أمريكا الوسطى والبرازيل، التي أبدت اهتماما بكبريتات الأمونيوم بديلا أقل تكلفة.
رغم كل هذه العوامل، يتفق المحللون على أن الأسعار العالمية قد تبدأ في الانخفاض تدريجيا بنحو 25 إلى 40 دولارا للطن حتى أكتوبر، خاصة على الورق وفي العقود الآجلة. إلا أن هذا لا يعني بالضرورة انخفاضا في الأسعار داخل بعض الأسواق، مثل أوكرانيا، التي لا تواجه حاليا أي مبررات منطقية لمزيد من الارتفاع في أغسطس أو سبتمبر.
في المجمل، تبدو السوق متجهة نحو مرحلة من الحذر والترقب، مع احتمال حدوث تصحيحات في الأسعار، لكن دون وعود بانفراج كبير في المدى القريب.