الأرض
موقع الأرض

شعبة الدواجن: أزمة حادة تهدد الإنتاج الداجني خلال شهر أغسطس

عبد العزيز السيد ومحرر الأرض
إسلام موسى -

قال عبد العزيز السيد، رئيس شعبة الثروة الداجنة، إن أسعار الكتاكيت في السوق المصري شهدت هبوطًا قياسيًا خلال الأسابيع الأخيرة، مسجلة انخفاضًا يفوق 80%، بعد أن تراجعت من 60 جنيهًا في مايو إلى مستويات تتراوح حاليًا بين 10 و16 جنيهًا، و هذا التراجع الحاد أثار قلقًا واسعًا في أوساط العاملين بالقطاع، وسط تحذيرات من تداعيات خطيرة قد تنعكس على حجم المعروض من الدواجن خلال الفترة المقبلة.

ضربة موجعة للمربين التقليديين

السيد أوضح أن السبب الرئيسي وراء هذا التراجع هو عزوف عدد كبير من المربين عن دخول دورات تربية جديدة، وخاصة في المزارع المفتوحة التي تواجه صعوبات كبيرة في ظل موجات الحر المتزايدة، والتي تؤثر بشكل مباشر على صحة الطيور ونسب النفوق.

وأشار إلى أن الإنتاج لا يزال مستمرًا لدى المزارع المغلقة التي تعتمد على أنظمة تهوية وتبريد حديثة، في حين قرر كثير من صغار المربين التوقف تمامًا عن النشاط، بعد أن لحقت بهم خسائر كبيرة جعلت الأسعار الحالية غير كافية لتغطية تكلفة التربية.

سوق غير منظم وآلية تسعير غائبة

وأكد رئيس الشعبة أن ما يحدث في سوق الكتاكيت يعكس غيابًا شبه كامل لآلية عادلة في التسعير، وهو ما يجعل السوق عرضة لتقلبات عنيفة قد تضر بالمنتج والمستهلك في آن واحد.

وأضاف: "من غير المنطقي أن يصل سعر الكتكوت إلى 60 جنيهًا في وقت ما، ثم ينهار إلى أقل من 16 جنيهًا في فترة قصيرة".

وطالب بوضع معادلة سعرية واضحة تضمن حقوق كافة الأطراف، مشيرًا إلى أن السعر العادل يجب ألا يتجاوز 20 جنيهًا، بحيث يُغطي تكلفة التربية دون أن يُحمّل المستهلك عبئًا إضافيًا.

نقص المعروض متوقع... والأسعار مرشحة للارتفاع مجددًا

في ظل تراجع الإنتاج وركود حركة التربية، توقع السيد أن يشهد السوق نقصًا في المعروض من الدواجن خلال شهر أغسطس، خاصةً مع استمرار موجات الحرارة المرتفعة، الأمر الذي قد يدفع الأسعار إلى موجة جديدة من الصعود.

ونبّه إلى أن 75% من مزارع الدواجن في مصر تعمل بالنظام المفتوح، ما يجعلها شديدة التأثر بتغيرات المناخ، وهو ما يبرز الحاجة إلى تحديث البنية التحتية للقطاع، وتطوير نظم التربية بما يضمن استدامة الإنتاج في مواجهة التحديات البيئية.

مدخلات الإنتاج تحت ضغط ناري

من أبرز الأزمات التي تلاحق صناعة الدواجن في مصر ارتفاع تكلفة مدخلات الإنتاج، وعلى رأسها الأعلاف التي تمثل 70% من تكلفة الدورة الواحدة. وبحسب السيد، فإن أسعار الوقود، وخاصة السولار، تضيف عبئًا ثقيلًا على كاهل المربين، لاسيما في المزارع الواقعة بالمناطق الصحراوية التي تستهلك في بعض الأحيان ما يصل إلى طنين من الديزل يوميًا.

وأشار إلى أن هذه التكاليف المرتفعة تنعكس مباشرة على أسعار المنتج النهائي، وتُضعف قدرة السوق على الاستقرار، خاصة مع قلة الدعم الحكومي في هذا الجانب.

الإنتاج يتراجع رغم الأرقام الرسمية

على الرغم من أن البيانات الرسمية تشير إلى أن الإنتاج المحلي للدواجن يصل إلى 1.5 مليار دجاجة سنويًا، إلا أن عبد العزيز السيد أكد أن الرقم الحقيقي انخفض حاليًا إلى ما بين 850 و900 مليون دجاجة فقط، بسبب خروج أعداد كبيرة من المربين من المنظومة.

وأضاف أن ما يُسمى بـ"الاكتفاء الذاتي" لا يعكس الواقع الاقتصادي، حيث تراجعت القدرة الشرائية للمواطنين بشكل حاد، مما قلل من الطلب الفعلي على الدواجن، حتى في ظل توفرها.

مقترحات للإنقاذ... واستيراد مدخلات الإنتاج ضرورة عاجلة

دعا السيد إلى تدخل حكومي عاجل لاستيراد مستلزمات الإنتاج الأساسية مثل الذرة وفول الصويا، على غرار ما يتم في ملف القمح، لضمان توفيرها بأسعار مناسبة، ومنع تحكم كبار المستوردين بالسوق.

كما شدد على أهمية دعم الزراعة المحلية من خلال توفير بذور منتقاة ذات إنتاجية عالية، وتقليل الاعتماد على الاستيراد، وهو ما يساهم في خفض فاتورة العملة الصعبة، ويُعزز من قدرة القطاع على مواجهة التحديات المستقبلية.

غياب الرقابة... والتجار يتحكمون بالسوق

وحذّر رئيس شعبة الثروة الداجنة من استمرار احتكار الأعلاف والأدوية البيطرية من قِبل عدد محدود من التجار، ما يؤدي إلى افتعال أزمات متكررة في السوق.

وطالب بضرورة فرض رقابة صارمة على هذه السلع الاستراتيجية، مع تشريع قانون يحدد هامش ربح واضح لكل سلعة، للحد من الفوضى السعرية وضمان استقرار السوق وحماية المستهلك.

تصدير محدود وطلب خارجي لا يمكن تلبيته

فيما يتعلق بالتصدير، كشف السيد أن هناك طلبات متزايدة من بعض الدول العربية على الدواجن المصرية، لكن الوضع الحالي لا يسمح بتلبية هذه الطلبات قبل تحقيق الاكتفاء المحلي.

وأشار إلى أن التصدير يقتصر حاليًا على أنواع غير الدواجن البيضاء، مثل البط والحمام والرومي، وهو ما يوفر قدرًا من العملة الأجنبية يُستخدم في شراء مستلزمات الإنتاج المستوردة.

مستقبل القطاع... بين الانهيار والانطلاق

رغم التحديات التي تحاصر القطاع، يؤكد السيد أن سوق الدواجن لا يزال يحمل فرصًا استثمارية واعدة، خاصةً في ظل الطلب المحلي المرتفع والمناخ الاستثماري المرن. إلا أن الحفاظ على هذا القطاع الحيوي يستلزم تدخلًا سريعًا من الدولة، من خلال دعم المزارع الصغيرة، وإعادة الاعتبار للتربية الريفية التي كانت تُساهم بنحو 30% من الإنتاج المحلي في فترات سابقة.

ختامًا... الأمن الغذائي في الميزان

قطاع الدواجن في مصر يقف اليوم على مفترق طرق: إما الاستمرار في دوامة الأزمات الناتجة عن الإهمال وغياب التخطيط، أو الانطلاق في مسار إصلاحي شامل يعيد للقطاع توازنه وقدرته على تلبية احتياجات السوق المحلي، وحماية أمن المواطن الغذائي في واحدة من أكثر اللحظات الاقتصادية حساسية.