الأرض
موقع الأرض

كيف تحمي محصولك من موجات الحر القاتلة؟

احم محصولك من الحر
إسلام موسى -

أكد الدكتور محمد فهيم، مدير مركز معلومات المناخ، أنه مع تصاعد درجات الحرارة في مصر خلال شهري “أبيب” و”مسري”، تزداد تحديات المزارعين في إدارة عمليات الري بفعالية، وسط تأثيرات مناخية إقليمية، منها ظاهرة النينيو والاحترار المتزايد في حوض البحر المتوسط.

ويشرح الدكتور فهيم أن ارتفاع حرارة النهار، خاصة وقت الظهيرة، يجعل الري في هذا التوقيت ممارسة محفوفة بالمخاطر، مع فقد كبير للمياه بسبب التبخر، وتأثير سلبي على صحة النباتات وجودة المحصول.

مخاطر الري وقت الظهيرة

1. فقدان المياه:
درجات الحرارة المرتفعة تزيد من تبخر المياه السطحية قبل وصولها إلى جذور النباتات، حيث تشير منظمة الأغذية والزراعة (FAO) إلى أن نسبة الفقد يمكن أن تصل بين 45% و60% من المياه المضافة.


2. إجهاد النبات وصدمة حرارية:
الفرق الكبير بين حرارة مياه الري المرتفعة ودرجة حرارة النبات يسبب إجهادًا فسيولوجيًا، يقلل من كفاءة البناء الضوئي وامتصاص العناصر الغذائية الحيوية.


3. زيادة الأمراض الفطرية:
الري في وقت الذروة الحرارية يرفع من رطوبة التربة السطحية، مما يشجع نمو فطريات مدمرة مثل Fusarium وRhizoctonia، التي تؤدي لتعفن الجذور.


4. هدر الطاقة وضعف الكفاءة:
الضغوط العالية المطلوبة لضخ المياه وقت الذروة، مع الفاقد الكبير في المياه، تعني استهلاكًا غير مجدٍ للطاقة دون تحقيق نتائج زراعية مرضية.


التوقيت الأمثل للري.. توصيات علمية

أوصى المعهد الدولي لإدارة المياه (IWRM) بالري في فترتين مثاليتين لتفادي أضرار حرارة الظهيرة:

من 4 صباحًا حتى 9 صباحًا

من 6 مساءً حتى منتصف الليل


بدائل وتقنيات حديثة

الري بالتنقيط والرذاذ منخفض الضغط: لزيادة كفاءة استهلاك المياه.

حساسات رطوبة: لضبط توقيت وكمية الري بدقة.

التسميد مع الري صباحًا: لتحسين امتصاص العناصر الغذائية.


تجارب ميدانية تثبت الفعالية

معهد بحوث الأراضي والمياه (2021): زيادة إنتاج الطماطم بنسبة 18% وتوفير 27% من المياه عند الري صباحًا مقارنة بالري وقت الظهيرة.

محطة بحوث الجيزة: تجربة على طماطم “Super Strain B” أظهرت تفوق الري صباحًا ومساءً على الظهيرة من حيث جودة وإنتاجية المحصول.

معهد بحوث البساتين: الري صباحًا زاد إنتاج الخضر بنسبة 17.3%، بينما الري ظهراً أدى لذبول الأوراق وتساقط العقد.

محطة سخا بكفر الشيخ: الري فجراً على قمح “جيزة 171” رفع المحصول بنسبة 11.5%، بينما الري ظهراً تسبب في تراجع المحصول بنسبة 14%.

غرب المنيا: تجربة على الذرة الشامية أثبتت انخفاض الإخصاب بنسبة 40% عند الري ظهراً في موجة حر 44°م.

مطروح: ري الزيتون في الفجر أو بعد الغروب زاد نسبة الزيت بـ8-10%، وقلل الإجهاد المائي.


استثناءات علمية لري الظهيرة

رغم التحذيرات، هناك حالتان يبرران الري وقت الظهيرة:

1. مشاتل الفراولة في يوليو وأغسطس: الرش الخفيف لتبريد الشتلات لا يعتبر ريًا، بل حماية من الحرارة.


2. أنظمة الري بالطاقة الشمسية: حيث توفر الكهرباء وقت الظهيرة، مع ضرورة اتباع ضوابط مثل استخدام حمض الفولفيك، نترات الماغنسيوم، وضبط تدفق المياه.

تحذير حاسم: الزراعة ليست اجتهادًا شخصيًا

في ظل التغيرات المناخية العالمية، بات الاعتماد على العلم والتجارب الدقيقة ضرورة وطنية.
التصريحات العشوائية والنصائح غير المبنية على أسس علمية تشكل خطرًا حقيقيًا على المزارعين والمحاصيل، وقد تؤدي لخسائر فادحة.

ندعو المزارعين والمهندسين الزراعيين والإعلاميين إلى التمسك بالمعلومات المستندة إلى بيانات وتجارب ميدانية موثوقة. فمستقبل الزراعة يعتمد على العلم، لا على التهويل أو الانطباعات.

القاعدة الذهبية: “اسقِ نباتك حين يحتاج هو، لا حين تظن.”
واعتمد دائمًا على من يرشدك بعلم، لا من يسليك بكلام، فالزراعة علم دقيق لا يحتمل العشوائية أو التهاون.