الأرض
موقع الأرض

الحشائش تهاجم المحاصيل والزراعة تطلق خطة إنقاذ

اسلام موسى -

حذرت الدكتورة عزة السيد خفاجي، مدير المعمل المركزي لبحوث الحشائش بمركز البحوث الزراعية، من الخطر المتصاعد الذي تمثله الحشائش على المحاصيل الزراعية، مؤكدة أن تأثيرها يتجاوز بكثير تأثير الآفات الحشرية وأمراض النبات، لتُصبح أحد الأسباب الرئيسية لخسائر الإنتاج الزراعي في مصر.

الحشائش أخطر من الآفات... والفاو تدق ناقوس الخطر

أشارت خفاجي إلى أن الحشائش لا تقتصر على منافسة النباتات المزروعة في الماء والغذاء، بل تؤدي إلى تقليل الإنتاجية بشكل مباشر. واستشهدت بتقارير منظمة الأغذية والزراعة "الفاو"، التي أكدت أن الحشائش تتسبب في خسائر قد تصل إلى 34% من إجمالي الإنتاج الزراعي، متفوقة على الحشرات (10%) وأمراض النبات (26%). وتابعت: "في بعض الحالات، قد تصل الخسائر إلى 100% إذا لم تتم المكافحة بالشكل الصحيح وفي الوقت المناسب".

استراتيجية قومية حتى 2030 لمكافحة العدو الأخطر

في مواجهة هذا التهديد، أطلق المعهد خطة استراتيجية وطنية تمتد حتى عام 2030، تستهدف تطوير آليات مكافحة الحشائش وتقليل الاعتماد على العمالة اليدوية، التي باتت تمثل عبئًا على المزارع، في ظل ارتفاع التكاليف ونقص الأيدي العاملة الزراعية. وتشمل الخطة عدة محاور لمكافحة الحشائش، أبرزها:

الطرق الميكانيكية: مثل العزيق وحرث الأرض.

الطرق الزراعية: كالدورة الزراعية، والري الكاذب، واختيار الأصناف المقاومة.

الطرق التشريعية: مثل تفعيل أنظمة الحجر الزراعي لمنع دخول بذور الحشائش الغريبة.

الطرق الحيوية: باستخدام كائنات طبيعية تتغذى على الحشائش وتحد من نموها.

الطرق الكيميائية: بالاعتماد على مبيدات مرخصة وآمنة، وخاصة في ظل تراجع العمالة اليدوية.

الهالوك والحامول.. حشائش قاتلة تلتهم المحاصيل بصمت

وسلطت خفاجي الضوء على الحشائش المتطفلة، مثل "الهالوك" و"الحامول"، باعتبارها الأخطر على الإطلاق.

فالهالوك يهاجم الفول البلدي، وينتشر أيضًا في محاصيل الخضار مثل الطماطم، البسلة، والكرنب، ويقوم بامتصاص الغذاء كليًا من النبات المضيف.

أما "الحامول"، فأكثر شراسة، إذ يظهر أولًا ويتطفل على النباتات المجاورة، وقد رُصد مؤخرًا في مزارع الفاكهة والأسوار النباتية، حيث يهاجم الأشجار مباشرة، ما يؤدي إلى تلف كامل للغطاء النباتي.

بذور الحشائش قنابل نائمة في باطن الأرض

وأكدت خفاجي أن أخطر ما في الحشائش أنها تختبئ في التربة على هيئة بذور قد تنشط عند توفر الظروف المناسبة، لتتحول إلى مصدر تهديد كبير. وكلما زاد إهمال الفلاح في تنفيذ التوصيات الفنية، زادت احتمالية انفجار هذه "القنابل الزراعية" الخفية، مما يؤدي إلى فقدان السيطرة على الحقل.

المعهد في الميدان تدريب، توعية، ومكافحة على الأرض

لم يقف دور المعهد عند البحث والتوصيات، بل امتد إلى برامج ميدانية شاملة، حيث يقدم:

دورات تدريبية موسمية تبدأ من بداية الموسم الشتوي.

مدارس حقلية وحقول إرشادية بالتعاون مع الفلاحين.

ورش عمل للمهندسين الزراعيين حول الاستخدام الآمن للمبيدات وآلات الرش.

شراكات جامعية مع جامعات القاهرة، عين شمس، والأزهر لتدريب طلاب كليات الزراعة عمليًا داخل الحقول.

كما أشارت خفاجي إلى دور لجنة مطبقي المبيدات، التي أُنشئت عام 2017 لتأهيل طلاب الزراعة والعاملين بالمجال الزراعي على طرق المكافحة الحديثة للآفات الزراعية.

تغير المناخ... معركة إضافية مع الحشائش

وحذّرت خفاجي من أن التغيرات المناخية تلعب دورًا في تعقيد مهمة المكافحة، إذ تتسبب في تداخل فصول النمو بين الحشائش الصيفية والشتوية، ما يؤدي إلى تضارب في توقيتات المكافحة ويُصعّب القضاء عليها.

وأضافت أن تغير المناخ ينعكس أيضًا على خصوبة التربة، وعلى فاعلية استخدام المبيدات، في ظل زيادة معدلات الاحتباس الحراري، مما يتطلب إجراءات تكيف زراعي دقيقة للحفاظ على المحصول.

الوعي هو السلاح الأول في معركة الحقول

واختتمت خفاجي حديثها بالتشديد على أن مواجهة الحشائش تبدأ من وعي المزارع والتزامه بالتوصيات العلمية، وليس فقط من خلال المبيدات أو الأدوات. وقالت بلهجة حاسمة:"الحشائش لا تنتظر... من يتأخر عن مكافحتها يخسر المعركة دون رجعة."