الأرض
موقع الأرض

زيادة الإنتاج تنعش الأسواق وتخفض أسعار العنب

اسلام موسى -

في مشهد يعكس نجاح الزراعة المصرية الحديثة، يواصل العنب المصري تربعه على عرش الفاكهة التصديرية، حيث صنفت مصر ضمن أول عشر دول على مستوى العالم في تصدير العنب الطازج، بعد أن بلغت المساحات المزروعة به ما يقرب من 200 ألف فدان، بإنتاج يتراوح ما بين 1.5 إلى 1.8 مليون طن سنويًا.

وتؤكد الدكتورة جيهان حسين صبري، الباحثة بقسم بحوث العنب ووكيل معهد البساتين السابق لشئون البحوث، أن العنب يحتل المرتبة الثانية بعد الموالح بين المحاصيل البستانية في مصر، من حيث المساحة والإنتاج، ويُعد من المحاصيل ذات العائد الاقتصادي المرتفع سواء في الاستهلاك المحلي أو التصدير أو التصنيع (كعصائر وزبيب).

أسواق جديدة.. ونوافذ تصديرية واعدة

تقول د. جيهان إن العنب المصري يتمتع بميزة تنافسية كبيرة على الصعيد الدولي، لا سيما بدخوله المبكر للأسواق الأوروبية والخليجية، قبل العنب القادم من الخارج بعشرة أيام كاملة، ما يمنحه تفوقًا تسويقيًا وسعريًا. وتضيف: "نصدر إلى إنجلترا، إيطاليا، هولندا، وفرنسا، كما تم فتح أسواق جديدة مثل الصين، فيتنام، فنلندا، والإمارات".

وتُعد دول الاتحاد الأوروبي من أبرز مستوردي العنب المصري، حيث يُصدر كرابع محصول زراعي بعد الموالح، البطاطس، والبصل، بإجمالي يتجاوز 180 ألف طن سنويًا.

مناطق الإنتاج.. من الدلتا إلى الصحراء

تتنوع خريطة زراعة العنب في مصر بين محافظات الوجه البحري مثل البحيرة، المنوفية، الغربية، والدقهلية، والوجه القبلي مثل المنيا، بني سويف، وأسيوط، بالإضافة إلى المناطق الصحراوية الحديثة مثل النوبارية، شرق العوينات، وطريق مصر الإسكندرية الصحراوي، حيث تتوافر المياه وجودة التربة.

أصناف متنوعة.. وألوان تجذب المستهلك

يشمل العنب المصري تشكيلة واسعة من الأصناف لتلبية احتياجات الأسواق المحلية والعالمية، منها: "الفليم سيدلس"، "برايم"، "ستار لايت"، "أوتوم رويال"، "طومسون سيدلس"، "السوبريور"، "كريمسون"، "رد جلوب"، و"الرومي الأحمر".

وتشير د. جيهان إلى أن اختلاف ألوان العنب لا يعكس فقط جماليته بل قيمته الغذائية أيضًا، إذ تحتوي الأصناف الداكنة على نسب مرتفعة من مضادات الأكسدة المفيدة لصحة القلب والأوعية الدموية، بينما الأصناف البيضاء غنية بفيتامينات C وK والنحاس.

تحديات تواجه المحصول

رغم هذا النجاح، تواجه زراعة العنب تحديات متزايدة، من بينها التقلبات المناخية المفاجئة، وارتفاع تكلفة مستلزمات الإنتاج، ومشاكل تسويق بعض الأصناف. وتؤكد د. جيهان أن هناك حاجة ملحة لتطوير نظم الري وترشيد استهلاك المياه، خاصة مع موجات الحر الشديدة أو الأمطار غير المتوقعة.

كما يُعد البياض الدقيقي، البياض الزغبي، والعفن من أبرز الأمراض التي تهدد المحصول، مما يتطلب رشًا وقائيًا مبكرًا منذ بداية الموسم، بالإضافة إلى تنفيذ برامج خفّ العناقيد والأوراق للحفاظ على التهوية ومنع الرطوبة.

تقنيات زراعية ترفع جودة الإنتاج

وتوضح الباحثة أن دور قسم بحوث العنب لا يقتصر على تقييم الأصناف، بل يشمل إجراء أبحاث شاملة على طرق التقليم والتسميد والرش المثالي. وتتابع: "التقليم هو العامل الأهم في تحديد كمية المحصول وجودته، فهناك أنواع تتطلب تقليمًا طويلًا وأخرى قصيرًا، ويجب ألا تتجاوز حمولة الشجرة 30 عنقودًا".

وتضيف: "نقوم بإجراء عمليات ترويج وتلوين للعناقيد باستخدام طرق علمية تضمن التناسق اللوني والشكل المثالي، مع الاهتمام بالتوقيت الدقيق للرش، لأن مخالفة الإجراءات قد تؤدي إلى رفض الشحنات المصدرة".

الأسعار.. بين ذروة الموسم وبداية الانخفاض

مع انطلاق موسم العنب منتصف مايو، شهدت الأسواق المحلية ارتفاعًا في الأسعار تراوح بين 100 إلى 160 جنيهًا للكيلو بسبب قلة المعروض وزيادة التصدير في بدايته. لكن مع اتساع رقعة التوريد المحلي، انخفضت الأسعار تدريجيًا لتتراوح حاليًا بين 30 إلى 60 جنيهًا، مع استمرار وجود بعض الأصناف الممتازة بأسعار تصل إلى 100 جنيه.

إقبال محلي.. وصحة في متناول الجميع

واختتمت د. جيهان حديثها بالإشارة إلى زيادة إقبال المواطنين على شراء العنب هذا العام، لما له من فوائد صحية كبيرة وجاذبية طعمية عالية، خاصة مع تنوع الأصناف وتوافرها بأسعار مختلفة تناسب شرائح متعددة من المستهلكين.

خلاصة المشهد

من الحقول المصرية إلى أسواق أوروبا وآسيا، يواصل العنب المصري رحلته الناجحة بثقة، مستندًا إلى علم وتخطيط وبحوث وتطوير، في مشهد يؤكد أن الزراعة المصرية لا تزال تملك أوراق التفوق في الأسواق العالمية.