اختفاء المشمش من موائد المصريين في صيف 2025

شهد موسم 2025 مفاجأة غير سارة لعشاق الفاكهة الصيفية، حيث غاب المشمش تقريبًا عن أغلب الأسواق المصرية، وارتفعت أسعاره بشكل غير مسبوق، وسط تساؤلات مشروعة من المواطنين حول أسباب هذا الاختفاء اللافت لمحصول اعتادوا وجوده بكثرة خلال شهري مايو ويونيو.
موجة صقيع كارثية في تركيا
السبب الأهم لاختفاء المشمش هذا الموسم يعود إلى ما وصفه المراقبون بـ"الكارثة المناخية" التي ضربت مزارع المشمش في تركيا، وتحديدًا في إقليم "ملاطية"، أكبر منطقة منتجة في العالم.
وفقًا لتقارير صادرة عن اتحاد المصدرين الأتراك، تعرّضت بساتين المشمش لموجة صقيع حادة في أبريل 2025، وصلت درجات الحرارة خلالها إلى -15 درجة مئوية، ما أدى إلى تدمير أكثر من 95٪ من المحصول، وانخفاض الإنتاج من 750 ألف طن إلى أقل من 10 آلاف طن فقط.
هذا الانهيار المفاجئ في المعروض العالمي انعكس مباشرة على السوق المصري، الذي يعتمد على استيراد كميات كبيرة من المشمش المجفف والطازج خلال الموسم.
تقلبات مناخية حادة في مصر
لم تكن الظروف المناخية في الداخل أفضل حالًا، فقد شهدت عدة محافظات زراعية مثل الجيزة والبحيرة والفيوم تغيرات جوية مفاجئة أثّرت بشكل مباشر على مراحل الإزهار والإثمار.
الدكتور محمد فهيم، مستشار وزارة الزراعة للتغيرات المناخية، أكد أن الارتفاع المفاجئ في درجات الحرارة خلال النهار، والهبوط الحاد ليلًا، أربك دورة الإزهار لدى أشجار المشمش، ما تسبب في ضعف عقد الثمار وسقوط نسبة كبيرة منها قبل نضجها.
مشكلات في الإدارة الزراعية
يرى عدد من المزارعين أن هناك أيضًا أسبابًا محلية تتعلق بالإدارة الزراعية، أبرزها:
نقص الخبرة الفنية في التعامل مع تقلبات المناخ.
غياب الدعم الفني والإرشاد الميداني الكافي من الإدارات الزراعية.
عدم توافر وحدات تبريد أو نقل مبرد، ما أدى إلى تلف كميات كبيرة من المشمش بعد الحصاد.
أسعار نارية وتراجع في الطلب
غياب المحصول أدى إلى ارتفاع كبير في الأسعار، حيث وصل سعر كيلو المشمش إلى 70 جنيهًا في بعض الأسواق، مقارنة بـ20 إلى 30 جنيهًا في المواسم السابقة.
هذا الارتفاع تسبب في عزوف شريحة كبيرة من المستهلكين عن الشراء، وتحول المشمش من فاكهة شعبية إلى سلعة نادرة تُباع بالقطعة.
توصيات الخبراء
أجمع خبراء الزراعة والمناخ على مجموعة من الحلول لتفادي تكرار الأزمة في السنوات القادمة، أبرزها:
التحول إلى أصناف مبكرة وأكثر تحمّلًا للحرارة والصقيع.
استخدام أنظمة حماية مناخية مثل التغطية بالشبك أو الري الضبابي.
إنشاء وحدات تبريد قرب مزارع الإنتاج.
تفعيل الإنذار المناخي المبكر بالتعاون مع الأرصاد الجوية.
ما حدث في موسم المشمش 2025 ليس مجرد أزمة عرض وطلب، بل مؤشر حقيقي على أن التغير المناخي بدأ يؤثر بشكل مباشر على المحاصيل الموسمية، وعلى الدولة والقطاع الزراعي الاستعداد جيدًا للمواسم المقبلة، بدعم البحث العلمي، وتوفير أدوات الحماية والدعم الفني للمزارعين.