الأرض
موقع الأرض

إفريقيا تشعل سباق القمح بين كبار المصدرين

محمود راشد -

رغم التراجع المتوقع في تجارة القمح العالمية بنسبة ١٠٪ خلال موسم ٢٠٢٤-٢٠٢٥، تواصل إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى جذب اهتمام أكبر المصدرين في العالم مع ارتفاع وارداتها بنسبة ٧٪. ويأتي هذا النمو في ظل تزايد عدد السكان وتحسن مستويات الدخل، مقابل محدودية الإنتاج المحلي، مما يُعزز اعتماد القارة على الاستيراد من دول مثل نيجيريا وكينيا والسودان وجنوب إفريقيا وإثيوبيا وتنزانيا.
يُهيمن الاتحاد الأوروبي وروسيا حاليا على سوق القمح في إفريقيا جنوب الصحراء، حيث يمثلان معا نحو ٧٠٪ من الواردات. ومع ذلك، تسعى كندا والولايات المتحدة الى تعزيز حضورهما في هذه السوق، لا سيما مع تزايد الطلب على القمح عالي الجودة. وتشير بيانات وزارة الزراعة الأمريكية الى أن المستهلكين الأفارقة باتوا يُفضلون الأصناف ذات البروتين العالي، ما يفتح الباب أمام اللاعبين من أمريكا الشمالية.
ليزا نيميث، مديرة دعم السوق في شركة سيريالز كندا، ترى في إفريقيا سوقا واعدة، خاصة نيجيريا، التي تحولت خلال السنوات الماضية الى أكبر مشترٍ للقمح الكندي في القارة. فقد شحنت كندا نحو ٨٠٠ ألف طن سنويا من القمح والقمح الصلب الى نيجيريا خلال السنوات الخمس الماضية. وتُخلط هذه الأنواع مع القمح الأرخص من مناطق البحر الأسود لإنتاج الدقيق المطلوب للاستهلاك المحلي.
في غانا، ثاني أكبر مستورد للقمح الكندي، بدأت بعض المطاحن في التوجه لإنتاج المكرونة، ما زاد الاهتمام بالقمح الكندي. وتتعاون كندا حاليا مع مطاحن إقليمية لتوسيع توزيعها الى دول أصغر مثل موزمبيق وأوغندا وزيمبابوي. كما بنت علاقات قوية مع مدرسة الطحن في كينيا، وتستعد لاستضافة وفد من سبعة مطاحن أفريقية في يوليو للاطلاع على سلاسل التوريد الكندية من المزرعة حتى الميناء.
كينيا تُعد ثاني أكبر مستورد للقمح في المنطقة بعد نيجيريا، ومن المتوقع أن تشتري ٢.٦ مليون طن في موسم ٢٠٢٥-٢٠٢٦، بدفع من نمو السكان الشباب وتغير الأنماط الغذائية. وتُظهر دول أخرى مثل السودان وجنوب إفريقيا وإثيوبيا وتنزانيا نموا مماثلا، رغم اختلافات في الحجم والديناميات المحلية.
في المقابل، تسعى أوكرانيا الى دخول هذه السوق بقوة، حيث أعدت دراسة جديدة تُحدد الفرص والعقبات في دول إفريقيا جنوب الصحراء. وتوصي الدراسة المصدرين الأوكرانيين بالتحرك السريع وعدم تأجيل الخطوات التنفيذية، خاصة مع ارتفاع الطلب على القمح والذرة والمنتجات المُصنعة، رغم التحديات اللوجستية واحتدام المنافسة.
كندا تُخطط لتصدير ٢٦.٢ مليون طن من القمح خلال موسم ٢٠٢٥، ما يجعلها ثاني أكبر مصدر عالمي وأكبر مزود للقمح عالي الجودة. ومع تنامي التنافس على السوق الإفريقية، يبدو أن المنطقة ستكون ساحة مفتوحة لصراع محموم على الحبوب خلال السنوات المقبلة.