الأرض
موقع الأرض

من 6000 أطنان في 2006 إلى 80 ألف طنا في 2024

مزاج المصريين يرفع استيراد البن إلى 13.7 مليار جنيه سنويا

كتب - محمود البرغوثي: -

- فاتورة استيراد البن ربع تكلفة استيراد اللحوم في مصر
- مغالاة في أسعار البن للمستهلك بعد حساب تكاليف التصنيع و"التحويجة"
- فشل الزراعة في مصر بسبب المناخ ولا عزاء للتجارب البحثية
- البرازيل وإندونيسيا وكمبوديا وفيتنام تتنافس على مزاج المصريين


ماذا لو علمت أن استيراد مصر من البن سنويا، بلغ ربع استيرادها من جميع أشكال اللحوم الحمراء، حيث يقدر الأول بنحو 13.7 مليار جنيه، مقابل نحو 62.4 مليار جنيه للثاني، وذلك طبقا لإحصاءات 2024؟

لن يصيبك من الأمر مع هذه المعلومة، سوى الدهشة من بلوغ فاتورة مزاج المصريين، فيما يخص بند القهوة فقط، خلال أقل من 20 عاما، حيث كان استهلاكهم من البن في 2006 لا يزيد على 6000 طن فقط، بمعدل 9 جرامات سنويا للفرد، ليقفز في 2024 إلى 80 ألف طن، بمعدل 500 جم/ فرد سنويا.

الإحصائيات مدهشة في ظل ارتفاع أسعار البن إلى حدود تتعارض مع مستوى دخل الفرد في مصر، إذ ارتفع سعر الكيلو من البن الشعبي إلى 540 جنيها خلال الوقت الراهن، مقابل 720 جنيها لكيلو البن المحوج (الرتبة المتوسطة)، بعد أن كان لا يزيد على 90 جنيها للرتبة الشعبية و160 جنيها للرتبة المتوسطة، قبل نحو 5 أعوام فقط.

هذه الأرقام المتعارضة تشير إلى ارتفاع تكلفة فنجان القهوة من 0.8 جنيه الأولى إلى نحو 5 جنيهات، ليبيعه المقهى الشعبي ب 15 جنيها، بينما تقفز تكلفة فنجان الرتبة الثانية من 1.44 جنيه سابقا إلى نحو 6.5 جنيه، ليباع في المقاهي المتوسطة حاليا بسعر 25 جنيها.

مستوردو القهوة يبررون هذه الأرقام بارتفاع سعر طن البن الخام المستورد من 3100 دولار في أكتوبر 2023، إلى 5700 دولار حاليا، ليكون سعر استيراد كيلو البن الخام قبل نحو 18 شهرا فقط، بنحو 180 جنيها، مقابل 330 جنيها حاليا، قبل تكلفة التحميص والطحن والتعبئة، وقبل إضافة النكهات (التحويجة) التي باتت تشكل حجر الزاوية في سعر الفنجان الذي يتربع على عرش محسنات المزاج لدى المصريين.

دول الاستيراد وفشل زراعة البن في مصر

وتنافست دول: فيتنام، وإندونيسيا، وكمبوديا، والبرازيل على توريد 80 ألف طن سنويا لمصر، بقيمة تقترب من 280 مليون دولار خلال 2024، مقابل ما قيمته 195 مليون دولار في العام الأسبق، مع احتمال تصاعد وتيرة الاستيراد في ظل فشل زراعة القهوة في مصر، على الرغم من المحاولات التجريبية البحثية منذ أكثر من 20 عاما في معهد بحوث البساتين - محطة القناطر الخيرية، وذلك بسبب عدم توافر الظروف المناخية الملائمة لإنتاج بذور قهوة بمواصفات مقبولة من عنصري: الكافيين، والكلوروجينيك.

أسعار الهيل وجوزة الطيب وزر الورد

ولا يجد المستهلك مفرا من قبول مبررات ارتفاع أسعار البن، أمام معرفتهم اليقينية بجنون أسعار الهيل وجوزة الطيب وزر الورد والقرنفل، وهي تمثل خليط التحويجة التي تضاف إلى البن الخام، وبحسبة بسيطة لهذا الخليط، تجد أن تحويجة كيلو البن لا تزيد على 70 جنيها، لترفع سعر كيلو البن قبل التحميص والطحن والتعبئة إلى 400 جنيه.

والسؤال الذي يفرض نفسه: لماذا يبيع تجار البن في المحلات المعروفة بسعر 720 جنيها لكيلو المحوج الغامق المطحون المعبأ فوريا، إذا كانت التكلفة حاليا لا تزيد بأي حال من الأحوال على 420 جنيها للكيلو من رتبة البن المتوسط؟

زبائن القهوة من المصريين الذين ينفثون زفير الرفض من الغلو، تجدهم يصطفون في طوابير طويلة أمام المتاجر المعروفة، خاصة: عبد المعبود، الحبشي، أبو عوف، شاهين، العروبة، وغيرها، دونما تعبير صريح عن الغلو بمقاطعة هذه السلعة، كونها ترتبط في العقل الباطن بالمزاج العام، مثل السجائر وكافة أنواع التبغ.

الغش في البن .. لا يعدل المزاج

وأمام الإقبال المرتفع على شراء القهوة، وجد معدومو الضمير فرصة للغش في البن، وذلك بإضافة مواد عضوية محروقة أو محمصة ومطحونة، مثل: حبوب البسلة، وأنوية التمر، والفول السوداني، وتختلف درجات انعدام الضمير باختلاف نسبة خلط هذه المواد عديمة السعر، لتحقيق أضعاف مضاعفة من المكاسب.
ويعترف الكثير من محبي القهوة بتعرضهم للغش، معبرين عن ذلك بقفشاتهم المتداولة: "البن المغشوش ما بيعدلش المزاج .. وأجرنا على الله".