موقع الأرض

مؤتمرات يتيمة حكوميا

-

الفعاليات الثقافية والاقتصادية (معارض أو مؤتمرات)، تُصبِح أهدافا خارج الشِباك، مالم تُتَرجم إلى نتائج تنفع المجتمع، وبغير ذلك تتساوى مع الأفكار المكتبية والأبحاث الورقية التي تزدحم بها أرفف الكليات.

وأقل ما يمكن أن تحققه المعارض والمؤتمرات العلمية، أو الدورات التدريبية، هو إنعاش اقتصاديات مواقع استضافتها، سواء كانت قاعات فندقية، أو صالات معارض، أو قاعات تتبع أندية رياضية، وهي استثمارات نهضت وفق دراسات جدوى، ومولها أفراد أو بنوك بغرض الربح.

ومقاطعة الجهات الحكومية لهذه المؤتمرات أو المعارض أو الندوات والدورات التدريبية، يطفئ حرارتها لدى القائمين على تنظيمها، وهم لا يخطبون ود الحكوميين إلا من باب الاستئناس بوجودهم، ومحاولة تأطير أنشطتهم بالإطار المؤسسي، الذي يضمن توفير الأمان.

نعم، فإن الجهاز الحكومي مهما بلغ تعداده، لا يقدر على توفير قيادي لكل ندوة أو مؤتمر أو معرض، حيث يلزم هنا أيضا التقنين، وإحكام الفلترة على تنظيم هذه الفعاليات، حتى لا يزداد أيضا "حرق الجاز"، في الهواء، لكن إذا أصبح المعرض أو المؤتمر حدثا موقوتا، ومنتظما، وأصبح يمثل موعدا منتظرا لمريديه، وجب على الدولة أن توفر له الدعم والرعاية، حيث دأب ملك المغرب مثلا، أو ولي عهده، على افتتاح معرض مكناس الزراعي الدولي، الذي يقام سنويا في "مكناس" - العاصمة الزراعية للمغرب.

الرئيس الفرنسي هو من يفتتح معرض فرنسا الزراعي، والمستشار الألماني حريص دائما على قص شريط "فروت لوجستيك"، الذي أوقفته جائحة كورونا، دورتي 2020، و2021.، ما يعني أهمية هذه التظاهرات الإيجابية، اقتصاديا وسياسيا ومجتمعيا.

وللتدليل، فإن معرضا زراعيا مثل "الوادي" الذي أقيم في مدينة الأقصر، بين 17 و19 مايو الماضي، سجل نحو 10 آلاف ليلة سياحية لفنادق عاصمة السياحة التاريخية في مصر، فأنعش قلبها في وقت لا تعرف فيه الأقصر طعما للسهر ولا للنشاط في هذا التوقيت من العام، وعلى الرغم من ذلك، غابت عنه وزارة الزراعة رسميا، رغم توجيه الدعوة من المنظمين.

10 آلاف ليلة سياحية في فنادق الأقصر، تعني إشغال كامل لفنادق النجوم الخمسة، و60٪ اما بعدها في الترتيب السياحي، كما تترجم تشغيلا جيدا للمطاعم والمتاجر والبازارات والسوق التجارية في مدينة لا تستقبل ضيوفها إلا شتاء.

هذا المعرض يجب أن يسجل كدليل واقعي على أهمية ترتيب الأنشطة والفعاليات النوعية لإقامتها في الأقصر وأسوان وشرم الشيخ في غير مواسمها الطبيعية، لفرض مبررات زيارتها وإنعاش حركتها، مع ربط الحدث بطبيعة مكان الاستضافة، مثلما نجح "معرض الوادي" في نقل نحو 120 شركة مصرية وعربية ودولية إلى ديار "طيبة"، في وقت اقتربت فيه الشمس من رؤوس العارضين والزوار، لكنها استظلت بالهدف الرئيسي، وهو الاطلاع على مستجدات عالم الزراعة في وقت اشتدت فيه أزمات إنتاج الغذاء، وأهمها: حربا "المناخ على الأرض"، وروسيا على أوكرانيا.