الثلاثاء 23 أبريل 2024 مـ 08:06 مـ 14 شوال 1445 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي
«النقد الدولي»: مصر تعهدت بالكف عن الاقتراض المباشر من المركزي «البيئة» تحذر كبار السن وأصحاب الأمراض من هذا الأمر الخطير وزير التموين: التعاقد على شراء 500 ألف طن سكر تكليفات رئاسية عاجلة بشأن مخزون السلع الرئيسية والاحتياطي الاستراتيجي «الغرف التجارية» تصدر بيانًا عاجلًا وهامًا حول التزام التجار بمبادرة خفض الأسعار وزيرة البيئة تشهد مراسم توقيع بروتوكول تعاون بين جهاز شئون البيئة ومؤسسة حارتنا المصرية شعبة المصدرين تطالب بضرورة إعفاء المصدرين من الضرائب على التصدير لمده عامين كاملين المستلزمات الطبية تناقش ملفات اقتصادية ومجتمعية وتستعد لاحتفالية الـ 35 عاما علي إنشاؤها الزراعة: «بحوث الصحراء» يستعد لاطلاق المؤتمر الدولى الخامس لتحلية المياه بشرم الشيخ فوائد مذهلة للذرة الحمراء للإنسان والحيوان.. تعرف عليها كيف تستثمر في مشروع مستقبل مصر الزراعي؟ الزراعة : مبادرة ”خير مزارعنا لاهالينا ” في الكاتدرائية وقداسة

في اليوم الدولي للفاقد ... الغذاء والأرض أمن قومي

" لنوقف فقد الأغذية وهدرها ، من اجل البشر ومن أجل كوكب الأرض" هذا هو الشعار الذي رفعته الأمم المتحدة في احتفالها لأول مرة باليوم العالمي للفاقد والمهدر من الغذاء حيث خصصت اليوم التاسع والعشرين من سبتمبر يوما عالميا للتوعية بهذا الموضوع المصيرى للبشرية كلها .
الفاقد والمهدر من الأغذية موضوع في غاية الاهمية، وتتشابه فيه الكثير من دول العالم إن لم يكن جميعها، وتتشعب طرقه وتختلف مسبباته، وتتشابه عواقبه والتهديدات الناجمه عنه.
وهذا ما دفع منظمة الأغذية والزراعة الفاو لإطلاق منصة خاصة بالمعلوماتية حول قياس الفاقد والمهدر من الأغذية، والتعريف بسبل الحد من هذه الظاهرة، في محاولة من هذه المنظمات الدولية للقيام بدورها في رفع وعي الشعوب بهذه القضية الخطيرة.
ووفقا لأحدث التقارير يفقد ويهدر ثلث الأغذية المخصصة للاستهلاك البشري علي مستوي العالم بينما يعاني حوالي ٨٢٠ مليون إنسان من الجوع كل يوم في جميع دول العالم.
ارقام مفزعة تلك التي تطالعنا بها التقارير عن إهدار الغذاء. ففي بيان الأمم المتحدة تشير الإحصائيات (أنه عند توفير ربع الطعام المفقود أو المهدر يمكن إطعام ٨٧٠ مليون شخص جائع حول العالم). وأن مراحل هدر الغذاء تبدأ من المزرعة مرورا بمراحل التخزين والنقل وصولا إلي السوق.
ومن المفارقات العجيبة ايضا أن الدول الأكثر فقرا أو الاقل في مستوي المعيشة هي الأكثر إهدارا للغذاء. فنجد مثلا في دول افريقيا تصل نسبة الفاقد من الغذاء ما بين مرحلتي الحصاد والبيع بالتجزئة الي ١٤% بينما في البلدان المتقدمة مثل استراليا ونيوزيلندا لا تتعدي ال 5.8%. بالتأكيد هذا يعود إلي نظم حفظ وتعبئة ونقل الاغذية بطرق صحيحة واتباع تقنيات وتكنولوجيا متطورة واستيفاء مواصفات ومعايير الجودة في النقل والتسويق وغيره ، هذا بخلاف ما يفقد بفعل المستهلك النهائي نفسه ، ولا شك أن النمط الاستهلاكي في هذه المجتمعات مختلف عن مجتمعاتنا كثيرا. وربما تدني أسعار المنتجات في بعض الأحيان مع زيادة العرض وقلة الطلب يدفع المستهلك غير الواعي بقضايا الموارد الي شراء ما لا يمثل له ضرورة ، يستهلك ما يلزمه ولا يعبأ بتلف أكثر مما يستهلك.
أيضا الرفاهة غير المنضبطة في بعض الطبقات الاجتماعية التي تعتمد علي المظاهر الكاذبة والتباهي الغبي تدفع الي إهدار الكثير من الموارد علي طريقة السفرة المفتوحة في الفنادق والمطاعم والحفلات التي تجسد صور الترف واللامبالاة. صور كثيرة من أنماط الاستهلاك علينا مراجعة أنفسنا فيها، لندرك اين نحن من معايير الاستهلاك المنضبط -إذا جاز التعبير- . هذا بعض ما يتعلق بأنماط الاستهلاك والشراء والتسوق وغيرها.
وفي رأيي أنها ليست فقط مراحل النقل والتخزين و نمط الاستهلاك الغذائي اليومي هي ما تؤثر علي معدلات المهدر من الغذاء ، ولكن أيضا عدم احترام الموارد الطبيعية التي حبانا الله بها من أهم صور إهدار الغذاء ، وفي بلادنا ربما يكون الأمر الأشد خطورة والذي يؤدي إلي تفاقم معدلات المهدر من الغذاء - وبينما لا تتناوله العديد من التقارير - هو إهدار الغذاء قبل إنتاجه أصلاً. بإهدار مصادره ، وليس أبلغ ولا أفدح صورة لهذا الإهدار من تبوير الأراضي الزراعية أو التعدي عليها بالبناء. مما يؤدي إلي تقليص المساحات الزراعية، وفقدان المصدر الأساسي والرئيسي للحصول علي الغذاء ، وعندما نكرر أن اقل الاحصائيات أشارت إلي فقدان مصر مئات الآلاف من الأفدنة الزراعية في السنوات العشرة الأخيرة فقط ، ندرك أننا لم نصبح في دائرة الخطر فقط ولكنا أوشكنا علي الانتحار البطيء دون أن ندرى. فدولة مثلنا هي الأعلي عالميا في معدلات الزيادة السكانية والأعلي عالميا في معدلات التأثر بكل عوامل التصحر ، أيضا نكون الأكثر تعدياً علي الأراضي الزراعية التي تكونت طبقتها الخصبة في عشرات الآلاف من السنين. مفارقات لا تقل عجبا عن زيادة معدلات الهدر في الغذاء في الدول الأكثر فقرا مقارنة بالأغنياء.
الحقيقة أن مجتمعاتنا في حاجة ماسة لإعادة التفكير في كل ما يشكل هموما للعالم كله. علينا أن نعيد حساباتنا ، ونسأل اين نحن من البصمة البيئة مثلا، اين نحن من أنماط الإنتاج والاستهلاك. لندرك أن لدينا ممارسات كثيرة تمثل بها مجتمعاتنا ضغوطا علي المنظومات البيئة وتشكل سلوكياتنا خطورة على مواردنا ومستقبل أجيالنا.
أما عن وقف التعدي علي الموارد الطبيعية ومن أهمها مورد الأرض المنزرعة والصالحة للزراعة فهذا أمر مصيرى وعلي كل منصف أن يدرك أهميته، وحجم المخاطر المترتبة علي إهدار الأراضي الزراعية تتعدي تأثيراتها الي ابعد حدود ، فقضايا البيئة والغذاء ليست ضروبا من الرفاهية وإنما هي قضايا أمن قومي.
وبمناسبة اليوم العالمي للفاقد والمهدر من الغذاء ، علي مؤسساتنا وهيئاتنا العلمية والبحثية والثقافية والإعلامية أيضا أن تقوم بدورها في توعية المجتمع بمثل هذه الفضايا، و الا تكون في معزل عن هذه الأحداث العالمية تماشيا مع جهود المنظمات الدولية للتوعية بهذه القضايا المصيرية.
حفظ الله مصر

* مركز بحوث الصحراء

موضوعات متعلقة