الخميس 28 مارس 2024 مـ 06:05 مـ 18 رمضان 1445 هـ
موقع الأرض
رئيس مجلس الإدارةخالد سيفرئيس التحريرمحمود البرغوثيالمدير العاممحمد صبحي

تشتيت وزاري

كم وزيرًا تولى حقيبة «الصحة» منذ عشرات السنين وما زال الإهمال ينهش في جسد مستشفيات الحكومة كما ينهش السوس في الخشب ؟، وكم وزيرًا تولى حقيبة «التعليم» والانتهاكات في المدارس أصبحت حديث برامج «التوك شو» كل ليلة، كان أخطرها على الإطلاق التسريبات التي اجتاحت امتحانات الثانوية العامة العام الماضي ؟، وكم وزيرًا تولى وزارة «التموين» وظاهرة اختفاء السلع الضرورية ما زالت حديث كل أسرة مصرية، على رأسها أزمة اختفاء السكر ؟، ناهيك عن وقائع الفساد والاستيلاء على الدعم التمويني التي تم ضبطها مؤخرًا.    

وما الجديد ؟.. ففي نفس التوقيت من كل عام يخرج علينا نفس الأشخاص بقائمة مُسربة لأسماء الوزراء المُرشحين والراحلين في التعديل الوزاري المُقرر تشكيله، وذلك على مدار 7 حكومات تعاقبت منذ رحيل نظام الرئيس الأسبق مبارك وحتى الآن، بدأت بحكومة الفريق أحمد شفيق التي تولت في 29 يناير 2011 بعد إقالة حكومة الدكتور أحمد نظيف، وانتهت بحكومة شريف إسماعيل الحالية التي شُكّلت في عهد الرئيس السيسي مؤخرًا، دون حدوث أي ارتقاء في معيشة المواطن الكادح.

نقولها وبصراحة.. الحكومات السبع التي أعقبت ثورتي الخامس والعشرين من يناير و30 يونيو لم تأت بجديد، فالأوضاع الاقتصادية ما زالت صعبة وظروف المواطن البسيط ما زالت تحتاج لأن تكون أفضل، لكن هناك سؤالًا ملحًا.. ألم يكن اختيار الوزراء في كل تعديل وزاري قائم على أُسس علمية وخبرات عالية تحقق الكفاءة المطلوبة في مجالها ؟، وإن كان ذلك، لماذا يتعّثر الكثير منهم في تحقيق الرخاء والتنمية والكفاءة المطلوبة داخل وزارته ؟.

الحقيقة التي لا يريد الاعتراف بها أحد.. جميع المؤسسات الوزارية بالدولة تعاني من خلل وتحتاج لإعادة هيكلة عاجلة في كل قطاعاتها وإداراتها ومؤسساتها بالمحافظات، تبدأ فورًا بتشديد الرقابة على من يتربعون على عرش المواقع القيادية وحتى أصغر موظف بها، الاعتماد أيضًا على أهل الخبرة في كل قطاع أفضل من الاعتماد على أهل الثقة، فصاحب الخبرة سيكون محل ثقة أو بمعنى آخر مُجبر عليها في حالة وجود رقابة صارمة عليه، تراقب جهوده وعمله بموقع مسئوليته.

من الضروري أيضًا أن يتم اختيار وتعيين القيادات بكل وزارة بموجب قرارات جمهورية يصدرها الرئيس السيسي نفسه، تكون مبنية على خبرات وشروط وضوابط تجعلها قادرة على تحمّل المسئولية، وليس بقرارات وزارية يصدرها الوزير لضمان إدارة هذه المؤسسات بكل حرص، وحتى يحقق القائمين عليها والمُكلّفين بإدارتها الكفاءة المطلوبة، فبعضها ما زال يدار بنظام «المسئول وحاشيته» القائم على تصفية الحسابات والمصالح الشخصية الذي يستعبد أهل الكفاءة والخبرة.

نهاية القول.. التغييرات الوزارية المُتقاربة ما هي إلا «تشتيت وزاري» يُعيد المؤسسات إلى نقاط البدايات، فالإصلاح لا يأتي بتغيير أشخاص طالما تم اختيارهم على أسس الكفاءة والخبرة، وإنما الإصلاح يـتم عندما تكون هذه المؤسسات بيئة مناسبة للعمل، بها كفاءات وإمكانيات ونظم تطبقها كل البلاد المتقدمة تجعلها تراقب المسئول في عمله، وتضمن الحياة الكريمة للمواطن.